جهل تاريخي فظيع وغباء سياسي شنيع
وجه السيد محمد العثماني من فريق العدالة
والتنمية ملتمسا إلى السيد وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية يقول فيه:”أحيل عليكم
شكاية ممثلي جماعة أولاد الحجاوى قصر الحجوي عين الشواطر إقليم فجيج مفادها
الترامي على أملاكهم واستغلالها من طرف بعض القبائل الوافدة على المنطقة أو من طرف
الجزائر لذا ألتمس منكم الخ….”
إن هذا الملتمس يستدعي هذه التنبيهات:
- 1 – إن القبائل المنعوتة بالوافدة على عين
الشواطر هي :دوي منيع بكل أخماسها وقبيلة الشواطر،أما القبيلة الثالثة فهي غير
معنية مادامت هي المتضررة،والحال أنها هي الأخرى وفدت على القرية بعد قبيلة
الشواطر،لكن لفظ “الوافدة”يعني دوي منيع باعتبارها آخر من وفد على البلدة ،فأول
الوافدين قبيلة الشواطر وثانيهم الحجاوى وثالثهم دوي منيع،فالكل إذن وافد ولا أحد
متأصل ولا متجذر.
-2- إن عبارة:”أو من طرف الجزائر”محيرة فبعين
الشواطر ومنطقتها لم تضم الجزائر ولا شبرا واحدا في حين أنها بزاوية الحجوي
– منطلق قبيلة الحجوي وهي من ذوي الأصول الأفريقية- ضمت الجزائر في نهاية
الثمانينيات صبخة الملح،ليتضح أن إقحام الجزائر في الملتمس بعد القبائل الوافدة
فيه الكثير من اللمز والغمز.
-3 - أرفق الملتمس بشكاية وبنسخة
من وثيقة الحبس وبموجب ثبوت النسب،والوثيقة المعتمدة تقول الحجاوى أنها مسلمة من
قبل زاوية القنادسة،فما قصة هذه الزاوية التي توزع ممتلكاتها ؟من المعلوم أن شيخ
هذه الزاوية كان من الموقعين على نفي محمد الخامس رحمه الله،وبعد ضم
الجزائر للقنادسة والصحراء الشرقية كانت الزاوية منحازة للجزائر، وهنا يطرح السؤال
لماذا خصت الزاوية قبيلة الحجوي بهذا الإمتياز دون غيرها؟ فكان الأولى – انسجاما
مع ولائها للجزائر- أن تمنح ذلك للوافدين مادام أن جزء هام من دوي منيع
يجاور الزاوية بالقنادسة وبشار والعبادلة وغيرها في ولاية بشار !
إن هذه الوثيقة التي تحرك المطالب الوهمية
للحجاوى مثيرة للإشفاق والسخرية،فهل للزاوية وثائق ملكية حتى تتبرع بأراضي دولة
أخرى،إن الجزائر التي تخضع لسلطتها زاوية القنادسة قد سطت على أراضي مغربية،فكيف
يقبل من قبيلة الحجوى التي تدعي أنها تعاني من استيلاء الوافدين والجزائريين
أن تعتمد على وثيقة لزاوية تدين بالولاء للجزائر! إننا نحن دوي منيع لا نملك إلا
أن نشفق على غباء الحجاوى ومعهم النائب البرلماني للعدالة والتنمية ، إن قبائل الصحراء
الشرقية المستقرة بالمغرب تركت خلفها ممتلكات كثيرة وآثرت عليها الوفاء للعرش أولا
، والوطن ثانيا،إن الأجهزة الأمنية الموكول لها الحرص على استقرار البلاد والعباد
مطالبة بتصحيح هفوات بعض النواب والوزراء. إن المرء يحق له أن يتساءل عن دواعي
إثارة هذا الملتمس أهي الغيرة الوطنية؟إنه تبين أنها غير موجودة ، بل لا نجانب
الصواب إذا قلنا إن الملتمس يصب في مصلحة خصوم الوحدة الترابية. أهو السعي إلى
الشعبية ؟إن حزب العدالة والتنمية له ما يكفيه من الناخبين،والمضحك إن عدد أصوات
قبيلة الحجوي لا يزيد عن (150) صوتا.
إن قبيلة الحجوي- للأسف- تقف في وجه اندماج
السكان وتعايشهم بعيدا عن الأحقاد القبلية و العرقية، فحين أتت فيضانات 1967 على
كل المنازل وانتقل السكان إلى المنطقة التي توجد عليها القرية اليوم ، انعزل
الحجاوى بعيدا عن دوي منيع والشواطر،بل ظلوا يعرقلون التنمية الفلاحية عبر رفضهم
لتوزيع أراضي صالحة للزراعة وقريبة من السكان ولم يكن الناس يعرفون السبب حتى
أخرجوا “زابورهم”، ليتضح حجم الخسارة التي لحقت السكان جراء مستند في قيمة
منديل ورقي ، إن العاقل حين يحاجج يتوخى أولا “الحلال”المحصل عليه بعرق الجبين ،
ولا علم لنا أن الحجاوى رغم كونهم من أصول أفريقية،كانوا من عبيد الزاوية ، ليطرح
السؤال:لم خصت زاوية القنادسة المدينة بالولاء للثوابت الجزائرية منذ
نفي محمد الخامس ، قبيلة الحجوي بهذه الوثيقة ، وأين ملكية الزاوية لتراب عين
الشواطر؟ فكان يجب أن ترفق الوثيقة بملكية الأرض ، والحال ان الوثائق
المخزنية الخاصة بملكية كبيرة لا تكون شرعية إلا إذا كان مذيلة بالطابع
الشريف للدولة المغربية .
إن الوثيقة المسلمة من قبل زاوية القنادسة لا
يمكن أن ترقى إلى درجة الملكية للأسباب التالية:
- كل ملك للزوايا هو ملك للدولة ،
فالدولة هي التي تنازلت للزوايا عن ذلك وفق شروط الولاء وخدمة المصالح العليا
للأمة ، وحين وزعت هذه الأرض على القبائل الثلاث في 11 أكتوبر 1961 ، أشارت
السلطات الإقليمية برئاسة العامل على قصر السوق السيد مولاي الطيب بن زيدان إلى:”كون
الأرض المتنازع عليها هي ملك لزاوية القنادسة أي ملك للدولة المغربية التي أسست
على يد مولاي إسماعيل (المحضر المحرر من طرف قاضي المحكمة الشرعية ببوذنيب ،بتاريخ
11 أكتوبر 1961).
ويشير هذا المحضر إلى أن :
“أولاد الحجوي يعترفون بأن أجدادهم باعوا كل نصيبهم من هذه الأرض للزاوية المذكورة
في عام 1239هـ الموافق سنة 1813 م .
ويشير المحضر إلى : الجلسة المنعقدة
ببوعنان يوم 19مايو 1933 والتي سجل كما في غيرها الإعتراف الصريح
بالملكية التامة على الأرض لزاوية القنادسة، فتم تجديد الإعتراف في الجلستين
المنعقدتين في 11و31أكتوبر1961، وحرر رسم عدلي من طرف قاضي محكمة بودنيب بالمناسبة
، ووضع مهندس المكتب الوطني للإستثمار الفلاحي تصميما بهذه المناسبة ، فتقرر بعد
كل ذلك :”أن توزع الحكومة المغربية على يد ممثلها سعادة مولاي الطيب بن
زيدان عامل إقليم قصر السوق أقساما من الأرض…ويضيف المقرر :”أن الأرض الخارجة
عن الأقسام الثلاثة الموزعة ملك كذلك للدولة .
-4 – إن قبيلة دوي منيع هي المنعوتة
ب”الوافدة” فمن هي دوي منيع؟وكيف “وفدت”على عين الشواطر؟
دوي منيع قبيلة عربية كبيرة كانت تتنقل بين
كيرguir(دلتا
نهر كير)وبين تافيلالت . في” كير” تحرث الزرع ومن تافيلالت تجلب التمر
وتكسب الماشية في المناطق الشاسعة بينما ، وترتبط بروابط متينة
بالأسرة العلوية إذ ساهمت في وفود الحسن الداخل من الينبع إلى تافيلالت ،ويشارك
مناع الحسن الداخل في الضريح…
حين نال المغرب استقلاله كان جزء من دوي منيع
بالمغرب وتحديدا بتافيلالت فبعث جلالة المغفور له محمد الخامس وفدا رسميا إلى
السكان أقنعهم بأن المصلحة الوطنية تقتضي بقاءهم بالتراب المحرر
سنة1956 فاقترح عليهم إنشاء قيادة دوي منيع لتكون هيكلا إداريا لكل
المنحدرين من الصحراء الشرقية،وبعد مدة زمنية تقرر نقل المقر الإداري للقيادة إلى
بودنيب فرفض السكان ذلك لأنهم كانوا ببلدة أمفيس(قرب الريصاني)وهي غنية بالمعادن
التي وهبت أنذاك للسكان ، فجاء وفد رسمي ليقترح عليهم تعويض معادن أمفيس بالأراضي
الفلاحية لعين الشواطر،فانتقل السكان على مضض في بداية الستينيات ، فحضر عامل
إقليم قصر السوق فتم توزيع الأراضي على القبائل الثلاث بحضور ممثليهم وأعيانهم
وحرر محضر في الموضوع مازال بالأرشيف،لأن الدولة تعرف أن هذه الأراضي مخزنية لا
غير.
-5 – إن ربط دوي منيع بالجزائر،فقط
بسبب تواجد القبيلة في الدولتين على إثر حدود مورثة عن الاستعمار تحفظ
عليها المغرب في مؤتمر إفريقي ، يعد جهلا تاريخيا فظيعا وغباء سياسيا شنيعا،
فقبيلة دوي منيع تهمتها الوحيدة أنها تبالغ في وفائها للعرش ، ففي بشار وعلى
إثر أحداث 2007 اتهمها الأمنيون الجزائريون بالولاء لملك المغرب ، وفي حرب الرمال
اعتقل رجالها – مدنيون وعسكريون- بعين الشواطر المروحية التي كانت تقل حسني مبارك
ولمين زروال ومن معهما ،إن دوي منيع ليست في حاجة لسرد وقائع ودلائل وطنيتها
ووفائها، فلطالما تعرضت للتجريح والإهانة، فكثيرا ما نعتت بالجزائرية ،ففي
مقالة:”الإبل الجزائرية تغير الحدود”بآخر عدد من جريدة الكواليس ألصق بها”أنها
جزائرية أو من أصل جزائري”،وفي الحملات الانتخابية يستغل الأمر نفسه ضد المرشحين
منها…لكن ما يثلج الصدر هو إنصاف القبيلة قبل أن يتبلور ردها،فبعد صدور مقالة
الكواليس استدعي قائد دوي منيع بوعلام شهيد رفقة إدريس البصري إلى الديوان الملكي
لتقديم التوضيحات ،ثم أمر جلالة المغفور له الحسن الثاني بتوقيف الكواليس ،وحين دب
النزاع بين دوي منيع وقبائل أخرى من الريصاني حول “حدب جحم” منحت المنطقة لدوي
منيع،أما مع الحجاوى فإنها لم تطلب شيئا لنفسها ،بل تسعى لتجنب “كل ما من
شأنه”،ليس عن ضعف ،فتاريخ دوي منيع معروف،لكن رغبة في تجنيب المنطقة مآسي
القلاقل،لذا فإن دوي منيع تنتظر تدخل الدولة المغربية لإنصافها .
ربيع الأصفر