إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 10 ديسمبر 2011

استقالة الهمة والدلالات السياسية الثلاثة

كثرت التأويلات بشأن تعيين فؤاد عالي الهمة مستشارا ملكيا، وتأرجحت رؤى المحللين بين رؤيتين مختلفتين: الأولى ترى أن الإسلاميين حسموا الصراع لصالحهم واضطر الهمة أن ينهي تجربة المشروع الحزبي السلطوي ويبتعد عن المشهد السياسي، ورؤية مقابلة ترى أن تعيين الهمة مستشارا ملكيا هو إعلان لاستمرار الصراع وأن الإسلاميين حتى وهم في الحكم لن يكونوا بمأمن عن تدخلات ذات المشروع السلطوي.
بالنسبة إلي، السياسة لا تبنى على النوايا ولا الظنون، وإنما تتأسس على الوقائع أو على الأقل على الإشارات.
نملك اليوم ثلاث حيثيات أساسية وردت في بلاغين، الأول لوزارة القصور والتشريفات والأوسمة، والثاني بلاغ للسيد فؤاد عالي الهمة. أما الحيثية الأولى فتتمثل في التعيين للملكي كمستشار له، وأما الحيثية الثانية وهو تبرير هذا التعيين بخبرة الرجل في مهام أسندت إليه في السابق، والثالث هو إعلان الاستقالة من حزب ألأصالة والمعاصرة ومن رئاسة بلدية بن جرير.
سنكتفي مؤقتا بتحليل هذه الحيثيات باعتبارها وقائع معينة. ومع أنها غير كافية إلا أنها دالة، تصلح للبناء عليها. أما الحيثية الأولى، فأكبر دلالة يمكن أن نخرج بها هو أن المؤسسة الملكية تكيفت وتأقلمت مع المقتضيات الدستورية التي لم تعد تسمح إلا بسلطات واضحة نص عليها الدستور. فالسلطة الخفية التي كان يتمتع بها المحيط الملكي لم تعد مقبولة بمقتضى الثقافة السياسية الجديدة التي أسس لها الدستور الجديد. هل معنى ذلك أن هذه السلطة ستختفي؟
بالتأكيد، لن تختفي، ولكنها ستظهر بشكل جديد. أي أن هناك محاولة لإعادة بناء هذه السلطة بما لا يجعلها مناقضة لمقتضيات الدستور الجديد.
بعبارة أكثر وضوحا، إن الصراع اليوم بين الإرادة الديمقراطية والإرادة السلطوية لن تكون بذات الأدوات التي تم استعمالها في السابق أي باستعمال القرب من المحيط الملكي، أو استعمال الرأسمال الرمزي لتوجيه الحياة السياسية ضدا على الإرادة الديمقراطية، وإنما سيتم استحداث أدوات جديدة ضمن قواعد لعبة جديدة في الصراع.
الخلاصة المستفادة من هذه الدلالة أن الصراع لن يتوقف، ولكنه سيأخذ أشكالا جديدة، والمشروع السلطوي أيضا لن يتوقف، ولن ستكون له تجليات جديدة تناسب التحولات السياسية التي طرأت على المشهد السياسي الذي يتميز بصعود الإسلاميين وتدبيرهم للحكم.
أما الحيثية الثانية، فلها أهميتها، لكن للأسف لم يعطها المحللون عناية كبيرة، فقلما يتم تبرير تعيين لمستشار ملكي وذكر مواصفاته ومؤهلاته، فقد سبق أن عين السيد عزيمان ولم يتم إبراز مؤهلاته في نص بلاغ التعيين، لكن هذه المرة تم التنصيص على مؤهلات السيد الهمة وخبرته في مهام أسندت إليه. ما الدلالات التي يمكن قراءتها في هذا التنصيص؟
مؤكد، أن القصر يتفاعل مع الحراك الشعبي، ومؤكد أيضا أنه استمع إلى تطلعات شعبية تطالب بإزالة رموز في الدولة، ومؤكد أن القصر يعرف أن السيد فؤاد عالي كان من هذه الرموز التي تم الإشارة إليها بقوة.
قد يفهم من نص البلاغ نوع من التبرير لهذا الاختيار، وأيضا نوع من الاستماع إلى نبض الشعب، وكأن العبارة، إنه كان بالإمكان الاستغناء عنه مطلقا، لكن في هذه الظرفية، أقصى ما يمكن فعله هو أن يبتعد عن المشهد السياسي والحزبي، وأن يدخل إلى دار المخزن، لأن المخزن لا يزال راغبا في خبرته خاصا في المجالات التي أسندت إليه.
هذه قراءة واردة، وهي إن صدقت، فمعناها أن السيد عالي الهمة لن يتدخل في عملية تشكيل حكومة عبد الإله بنكيران ما دامت غير قادرة على استجماع أغلبيتها إلا بالحركة الشعبية، أي من حزب لا يملك قراره السياسي. لكنه لن يكون غائبا عن الاستحقاقات الجماعية، فالرجل لم يعين إلا لخبرته في المهام التي أسندت إليه. وملف الداخلية، وبشكل خاص الانتخابات من بين أكثر الملفات التي باشرها السيد فؤاد عالي الهمة.
هل معنى ذلك، أنه في اللحظة التي غاب هذا الرجل عن الصناعة القانونية للانتخابات حصل ما حصل، ولذلك عين حصار سفيرا، وتم بعث رسالة إلى من يهمه الأمر بأن الانتخابات الجماعية لن تكون أبدا ومطلقا مثل الانتخابات الجماعية؟
لا نغامر بالإجابة عن مثل هذه الأسئلة، لأن الحقل السياسي لا يزال مفتوحا، ولا تزال اللعبة ممتدة بين الفاعلين السياسيين، وربما يدخل في المغرب في مسار جديد من التدافع السياسي محكوم بمنطق آخر لا يزال يخضع لعملية التأسيس.
أما الحيثية الثالثة، فتتعلق بالاستقالة من حزب الأصالة والمعاصرة. المحللون السياسيون، والفاعلون أيضا رأوا في هذه الاستقالة تحقيقا لمطلب سياسي طالما طالبوا به حتى يتم إيقاف إقحام الملكية في الصراع السياسي والحزبي، فإعلان الاستقالة يحمل معاني الابتعاد مطلقا عن الفعل السياسي الحزبي، ويعني أيضا نهاية مشروع كان يراهن على تنويع تجليات الفاعل الأساسي في اللعبة السياسية، أو للدقة، نهاية مشروع كان يحاول أن يزيد إلى دور الفعل المركزي، دور الفعل من داخل الحقل الحزبي، حتى تحصل الفاعلية من الجهتين معا.
مؤكد أن هذه القراءة لها مستنداتها، لكن مؤدياتها الاستشرافية صعبة التصديق، فأن يقتنع المواطن أن حزبا مثل الأصالة والمعاصرة ولد لكي يتم التخلي عنه بهذه السهولة، فهذا أمر أقرب إلى العبث السياسي منه إلى منطق السياسة.
هل معنى ذلك أن حزب الأصالة والمعاصرة انتهى؟
أبله من يعتقد ذلك.
لم ينته حزب الأصالة والمعاصرة، ولكن اللعبة كلها تغيرت، تغيرت قواعدها وشروطها، وتم الرجوع إلى النسخة الأولى التي لم تنجح، وتم تجنب الأخطاء والاختلالات التي كانت السبب في فشلها.
في بداية المشروع السلطوي تخلف الاتحاد عن الانضمام بسبب الخلط، فهل يزول الخلط باستقالة الهمة من حزب الأصالة والمعاصرة؟
ليس من قبيل الصدف أن يعلل حزب الاتحاد الاشتراكي موقفه في الخروج إلى المعارضة بمبرر إنهاء حالة الخلط ولالتباس، أو بمبرر إحداث الفرز الضروري في المشهد السياسي الفرز؟
أي فرز؟
طبعا بين التيار المحافظ، والتيار الديمقراطي الحداثي؟
ألم يكن هذا هو مطلب"حركة لكل الديمقراطيين" و"البام" بعدها، وقام القيادي إدريس لشكر يهدد بإحداث جبهة للدفاع عن الديمقراطية؟
ما الذي تغير اليوم؟
شيء واحد تغير، هو استقالة الهمة، وهو الخطأ الأكبر الذي منع النسخة ألأولى من التحقق.
نتذكر بالحرف حوار صديق الملك إلى مجلة "تيل كيل"، وهو يتحدث حديث الواثق من نفسه بأن الاتحاد لن يتحالف مع العدالة والتنمية، وأن ما يقوله إدريس لشكر لا يعني إلا نفسه. وقتها هاج الاتحاد، وأصدر بلاغا ينتقد فيه الهمة لأنه سمح لنفسه بالتدخل في الشأن الداخلي للحزب.
لكن، ما قاله الهمة هو الذي تحقق، وقد قال ما قال لأنه يعرف حقيقة ما يجري في الاتحاد، بل تدخل وأعطى للسيد لشكر ما كان يريد من وراء رفعخه لشعار "جبهة الدفاع عن الديمقراطية" من أجل أن يتمكن لاحقا من صناعة جبهة أخرى للدفاع عن الديمقراطية !.
لم يتحالف الاتحاد مع العدالة والتنمية، وبدأ الاتحاد يتحدث نفس اللغة، نفس المفردات: إنهاء الخلط، إحداث الفرز الضروري. غابت الديمقراطية، وغاب النضال من أجل الديمقراطية، وتم إطلاق الرصاصة الأخيرة على الكتلة.
خيال الهمة السياسي لا يزال حاضرا في مشهدنا السياسي. تموت مجموعة الثمانية، هذا لا يهم، المهم أن تنتصر الفكرة. أي فكرة؟
فكرة جبهة للدفاع عن الديمقراطية.
من تضم؟
تضم الذين تم ارتكاب خطأ حال دون اجتماعهم.
المحصلة، إنه من العبث أن نتصور أن استقالة الهمة من حزب الأصالة والمعاصرة تعني نهاية الأصالة والمعاصرة، وفي المقابل، سيكون من واجب المناضلين والسياسيين والمحللين والمراقبين من اليوم أن يتابعوا تحولات المشهد السياسي، ويحاولوا قراءة المشروع السلطوي في ضوء المفردات الأولى "لحركة كل الديمقراطيين"فتلك المفردات تعكس الأسس التي يقوم عليها المشروع السلطوي، والأسس في كل مشروع لا تغيب ولا تموت حتى ولو تم تغيير الأشكال والصيغ، بل حتى ولو اضطر المؤسسون إلى ترك العمل السياسي الحزبي.
بكلمة، لقد تمت العودة إلى النسخة الأولى بعد تجاوز كل الاختلالات التي أفرزتها لحظة التقييم، لكن وفق شروط جديدة أملتها قواعد اللعبة التي أفرزتها المقتضيات الدستورية الجديدة.
الخلاصة التي ينبغي أن ينتبه إليها المناضلون، أن الصراع لم ينته، بل ربما بدأ بآليات جديدة وفي ظل شروط جديدة، والتحدي الأكبر اليوم، أن الإرادة الديمقراطية كانت مدعومة بشرعية النقد والمعارضة والاصطفاف إلى الشعب، واليوم أصبحت تتطلب الاصطفاف مع الشعب من بوابة الإنجاز والوضوح.

الجمعة، 25 نوفمبر 2011

قبائل الصحراء الشرقية ضحية النزاع المفتعل حول الصحراء "الغربية"ذوي منيع نموذجا.



 إن الهدف من وراء نشر هذه النظرة التاريخية لنزاع الصحراء الشرقية ليس هو نبش الماضي، أو تفجير الألغام التي خلفها الاستعمار، ، ولكن القصد من ورائه ، هو إظهار الحقيقة من خلال محاولة تسليط الضوء على جزء من تاريخنا المغمور و الذي أريد له النسيان تنويرا للرأي العام المغربي المتتبع لهذا الأمر حول صلب الخلاف المغربي الجزائري في هذا الشأن و الذي نتج عنه فتح جبهة الصحراء المغربية من طرف الجزائر و تكوين جمهورية صحراوية وهمية على ارض اغتصبتها طبقا لنظرية و إستراتيجية الالتفاف الاستعماري
La théorie et la stratégie du contournement. فالنزاع نزاعين و الخصم واحد هي الجزائر، فالمغرب فضل السكوت إلى حين عن المطالبة باسترجاع صحرائه الشرقية وفضل تجنب الحرب مع الجزائر التي قد تأتي على الأخضر واليابس في المنطقة، و لنا في حرب الثماني سنوات بين العراق و إيران التي لم تحقق شيئا خير مثال على ذلك.
إن نزاع الصحراء المغربية الغربية له علاقة مباشرة و عضوية مع نزاع الصحراء الشرقية المغربية، وهذا النزاع المفتعل، ليس غريبا عن مخلفات الحرب البارة البائدة و الذي جاء كمثال يحتدى غذى تمرد الطوارق
Les hommes bleus في الصحراء الكبرى المسماة بدول الساحل : خاصة في النيجر، التشاد و مالي، غير بعيد عن التمرد في دارفور غرب السودان، وبعبارة أخرى فالمنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر، المسماة بالصحراء الكبرى هي منطقة يطبعها التمرد و الانفصال بسبب ابتكار الجزائر لهده التقليعة الجزائرية (Made in Algéria ) التي جأت بأطروحة شعب وهمي و جمهورية وهمية ما فتئت تبدد من اجلها أموال الشعب الجزائر المغلوب عل أمره . وهذا الوضع أصبح يغذيه الإرهاب الدولي المنسوب إلى التطرف الديني الذي زرعته القاعدة في الجزائر و أنابت عنها في ذلك "الجماعة السلفية للدعوة و الجهاد الجزائرية  (G.S.P.C.A ) " التي تطلق على نفسها الآن " القاعدة بالمغرب الإسلامي "
وحتى نفهم جانبا آخرا من الصراع المغربي الجزائري، ينبغي أن نقف ولو لحظة قصيرة أمام خارطة الجزائر المستقلة سنة 1962، لنرى كيف أنبطنها منتفخ غير طبيعي و ممتلئ بأراضي وقبائل وشعوب الجيران التي اقتطعت و انتزعت بالقوة من طرف الاستعمار الفرنسي الذي كان متواجدا في منطقة شمال إفريقيا منذ سنة 1830 بالتحديد.
فهذه الأراضي و هذه القبائل هي عبارة عن ألغام موقوتة خلفها المعمر الفرنسي كي تنفجر تباعا متى شاء ووقت ما أراد سواء في شرق أو غرب أو جنوب الصحراء الكبرى، فالحدود المغربية الجزائرية عرفت في الماضي عدة مراحل في ترسيمها و تحديدها، فالجزائر حتى تضمن تماسكها الداخلي، حاولت مرارا و تكرارا افتعال مشاكل أخرى جانبية و ثانوية للمغرب بجعلها العصا في عجلته والحجر في حدائه كما أراد الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين  (جدد الله عليه وعلى من اتبعه العذاب ) للتغطية على المشكل الأساس ألا وهو مشكل الصحراء الشرقية المنطقة الممتدة من ولاية بشار أو ما يعرف بولاية الساورة إلى عين صالح والهكار بأقصى الجنوب الجزائري.
ولا يخفى على الجميع أن الجزائريين يخافون من أن يسترجع المغرب صحراءه الغربية و يتفرغ بعد دالك لصحرائه الشرقية، التي هي الأخرى تعتبر دائما امتدادا تاريخيا و طبيعيا للمملكة المغربية، ففرنسا التي استعمرت الجزائر منذ 1830 أنشأت نظام الحماية فيما بعد على المملكة المغربية سنة 1912 بعد انتصارها على المغاربة في معركة ايسلي (
Isly ) بضواحي مدينة وجدة  ( 04/08/ 1844 ) التي كان محورها، مؤازرة المغاربة للأمير عبد القادر الجزائري الذي كان متابعا من السلطات الفرنسية أنداك، فنتائج الحرب كانت كارثية على وحدة المغرب و مناسبة لفرنسا المنتصرة اتخاذ إجراءات عسكرية و أحادية لتغيير معالم الحدود المغربية بدعوى محاربة التهريب و القضاء على التمرد المنطلق من الأراضي المغربية الذي كاد ينتشر في غرب مقاطعة الجزائر الفرنسية بإيعاز من ساكنة الحدود الغربية لها.
وهكذا اقتطعت من المغرب مدن و قرى بأكملها كتلمسان- و كورارة- و تيد يكلت -و كلوم و بشار- و ادرار- و تندوف إضافة إلى منطقة توات بكاملها التي كانت تابعة آنذاك للمغرب و التي تعتبر في جميع المخطوطات التاريخية و الانثروبولوجية امتدادا جغرافيا و سياسيا و قبليا لمنطقة تافيلالت المغربية. وقد تناولها العديد من المؤرخين العرب كالإدريسي و حسن الوزان : ( (  (
Léon l’Africain وابن خلدون والزياني، كما تكلمت عنها الصحافية الفرنسية التي عاشت في موريتانيا ما بين 1919 إلى 1962 أوديت بيكودو  ( Odette du Puigaudeau ) ، حيث اعتبرت المنطقة ولايات مغربية، بدليل أن السكان كانوا يؤدون الضرائب باسم السلطان لفائدة الخزينة المخزنية، وان صلاة الجمعة و الأحكام القضائية تنطق باسم جلالته و يصومون مع المغاربة آمنين مؤمنين بإمارة المؤمنين.
وللعلم ففي كل الدول، الضريبة تدفع إلى السلطة الحاكمة للإقليم الموجود تحت سيادتها الشرعية و القانونية، فالفرنسيون في الجزائر لم يحددوا بصفة نهائية الحدود الممتدة من فجيج في الجنوب الشرقي للمملكة إلى عين صالح، أي كامل حدود الصحراء الشرقية، كما كان الشأن في اتفاقية للامغنية التي رسمت حدود البلدين من السعيدية إلى فجيج فقط، تاركين وضع هذه الحدود المغربية الجزائرية غامضا و ذلك لغرض في نفسهم.
ففي رسالة صادرة بتاريخ 6 يناير 1886 عن الوزير الفرنسي للخارجية  ( دوكليرك
Duklerc إلى زميله وزير الداخلية ارمان فاليير Armand Fallières تعرض فيها إلى الحدود بين الجزائر الفرنسية و المغرب المستقل آنذاك أي ما كان يسمى بالإمبراطورية الشريفة، قائلا:" إن الحكومة الفرنسية من مصلحتها الاعتماد على النظرية المعروفة التي تتمثل في أن أفضل الحدود هي الحدود الغير المحددة مع جيران الجزائر الفرنسية "  ( النزاع الليبي- الجزائري- التونسي حول المياه الجوفية للصحراء لازال قائما و لازالت اللجنة الثلاثية متعثرة في إيجاد حل متفق عليه بين البلدان الثلاثة )" . إن هذه النظرية منحت لفرنسا الاستعمارية امتيازين مزدوجين ، الأول يتمثل في اجتناب مشاكل السيادة مع الجيران، والثاني مهد لها إقامة قواعد محتملة للتوسع الفرنسي في اتجاه المغرب و ليبيا و تونس و دول الساحل، فالمعطيات الجغرافية لمنطقة توات مثلا تؤكد أنها محددة في الشمال من تديمايت و موازية لوادي الساورةSaoura، فهي منطقة تتكون من العديد من الواحات و القصور ( قرى صغيرة )، أهمها واحة اتوات وواحة تيد يكلت، وواحة كورارة وواحة عين صالح وقصر تيميمون وواحة المطارفة، وواحة انتيمي، وواحة بندا، وواحة عين الغار. إنها منطقة ممتدة على مسافة تقدر ب 250 كلم طولا، حيث تخترقها العديد من الأودية القادمة من المغرب كوادي كير ووادي زوزفانة. فهذه الواحات تتوفر على مياه جوفية كبيرة تغدي منطقة الساورة بأكملها.
لهذا السبب فكر سكان اتوات و الساورة ومنذ القدم في طرق عملية تقليدية لاستغلالها ، مما مكنهم من البقاء و التحضر وزرع أراضي قاحلة. و كما جاء في التاريخ فان القبائل المغربية الأصل و التي أهمها
، قبائل ذوي منيع، لعمور، لغنانمة، ازغامرة، اولاد جرير، اشعامبة، عاشت من خلال الزراعة وتربية المواشي. هذا الرخاء و الاستقرار توفر بسبب غنى الصحراء الشرقية بالمياه الجوفية و المعادن المختلفة، كالفحم الحجري في القنادسة و الصفاية و كسيكسو و الغزاريف. أما المنغنيز و الرصاص فهما موجودان في جبل كطارة، و الحديد فنجده في غار الجبيلات بضواحي تندوف.اضافة الى ما تزخر به من نفط وغاز- مصدر ثروة الريع الذي يقيم الجزائر حاليا ولم يقعدها ويجعلها تركب جناح الغرورفي مواجهة المغرب.
إن هذه الواحات تكون في الوقت الحاضر منطقة الساورة و عاصمتها بشار و تمتد إلى ولاية تندوف، فالأرشيفان  (
les 2 archives )العثماني و الفرنسي، المنشوران مؤخرا في اسطنبول ( 52 مليون وثيقة التي لو أمكن ترتيبها و نشرها بسطا الواحدة بعد الأخرى لكونت مسافة 16 كلم ) يؤكدان أن السيطرة التركية لم تصل بتاتا إلى هاته الواحات بالرغم من محاولات العثمانيين العسكرية المتكررة التي قام بها البايات و الديات و الاغاوات  ( -Caids-Pachas-Gouverneurs-et Walis او ما يعرف عندنا بالمغرب ,les BeyDey- les Agha )المتمركزين في مدن شمال الجزائر. كل الصحراء الشرقية الواقعة الآن تحت السيطرة الجزائرية كانت تحت الحماية و السيادة المغربية، فالمخزن المغربي  ( الإدارة المغربية ) حسب الوثائق العثمانية، كان حاضرا وبقوة في المنطقة منذ الإمبراطورية الادريسية، أما سكانها فهم في أغلبيتهم منحدرون من قبائل بني معقل و بني هلال و الزناتيين والطوارق، وأولاد اشبل، وهذه الأخيرة هي فرع من قبيلة أولاد ادليم، القبيلة الصحراوية المغربية. وقد نجحت هذه القبائل و التجارة و في تربية المواشي، فكانت قوافلهم تتبضع في تلمسان ووهران وفاس و مراكش ; وسجلماسة و تومبوكتو في مالي . أما منتجاتهم الأساسية فكانت الثمور و القمح و الصوف والغنم و الزرابي و الجلود، فعندما دخلت فرنسا إلى الجزائر، أرسل المغرب وحدات عسكرية لقطع الطريق أمام المعمرين الفرنسيين الزاحفين على الواحات المكونة للصحراء الشرقية المغربية كما حددت معالمها أعلاه، ولم يتوفق نظرا لاختلال ميزان القوى و خيانة البعض التي تكون قد سجلت آنذاك.
أما إذا عدنا إلى الأسس و الروابط التاريخية بين الإمبراطوريات المغربية المختلفة و القنادسة و اتوات و الساورة وكل قبائل المنطقة، فإننا نعثر على العديد من العلاقات بين هذه المنطقة و المغرب و ذلك منذ ملوك البربر. فالوثائق القديمة تتحدث عن واحة اتوات كمركز تابع لموريتانيا ( مصطلح قديم كان يعني المغرب، بما فيه الجمهورية الإسلامية الموريطانيةا حاليا )، ولم تكن لها بتاتا أي علاقة مع نوميديا -مملكة البربر قديما (
Numidie-الجزائر حاليا ). فلقد قام الشريف الإدريسي مولاي سليمان في منتصف القرن الثاني عشر الهجري حوالي 1750 م بإنشاء العديد من القصور، أهمها قصر أولاد اوشن، حيث دفن فيه و أصبح ضريحه يزار إلى الآن، أما المرابطون و الموحدون فقد نشروا فيها عقيدتهم و ثقافتهم و اقتصادهم وحتى سلوكهم المغربي، حتى أصبحت جهة اتوات نقطة ارتكاز و انطلاق لهذه الإمبراطوريات نحو السودان ( السودان الغربي و سودان النيل الأزرق حاليا ) و إفريقيا السوداء. أما المرينيون فقد أتوا بنظام إداري و اقتصادي محكم، نظم المنطقة ودعم روابطها بين مدن فاس و مراكش وسجلماسة كمراكز موجودة في المغرب. أما احمد المنصور السعدي، ملك الإمبراطورية السعدية، فقد عين سنة 1590 الحاج جدور باشا على تومبوكتو وقواد على اتوات و القنادسة. (مكتبة زاوية كرزاز تشهد بدلك رغم طمس السلطات الجزائرية لكثير من الظهائر السلطانية بهدا الخصوص ).
أما الإمبراطورية العلوية الشريفة، فقد استمرت ولايتها على المنطقة إلى غاية دخول الاستعمار الفرنسي الجزائر سنة 1830 في المرحلة الأولى، و في سنة 1903 حين احتل الصحراء المغربية الشرقية بكاملها كمرحلة ثانية. وفي هذا السياق، لا ننسى دور الزوايا في الصحراء الشرقية الذي كان هو الآخر أساسيا و جوهريا، فشرفاء وزان كان لهم ممثلون محليون لجمع الهدايا في المنطقة و ذلك لحساب الزاوية القادرية بفاس، كما أسست بالصحراء الشرقية الزاوية البكرية نسبة لمؤسسها المغربي محمد البكري ( 1618 ) كما أقامت الزاوية الشادلية مراكز مهمة لها في تندوف و بني ونيف وكرزاز. فالزوايا المغربية لعبت دورا دينيا و سياسيا مهما و استراتيجيا في الصحراء الشرقية خاصة منها زاوية كرزاز وزاوية لقنادسة سواء في نشر تعاليم الإسلام في إفريقيا السوداء أو في الدفاع عن المنطقة ضد الدخلاء و الصليبيبن. كما كانت مدن و مدارس تارودانت و مراكش و فاس وتافيلالت في المغرب هي قبلة التلاميذ القادمين من الصحراء المغربية الشرقية و حتى من إفريقيا السوداء. للإشارة فان ازدهار حقبة الزوايا كان في عهد السلطان المولى إسماعيل الذي سن تمويلها من بيت مال دار المخزن.بدليل ان الدولة المغربية صارت إلى الآن ترث كل زاوية اندثرت او آفل نجمها. (الزاوية القندوسية خير دليل في هدا الشأن فيما تعلق بالعقار الدى كان لها بالجنوب الشرقي للمملكة والدي وزعت الدولة المغربية جانبا منه على بعض سكان المنطقة.
ولاستحضار التاريخ الدبلوماسي للصحراء الشرقية، يؤكد المؤرخون أن مرحلة حكم العثمانيين للجزائر لم تهتم بالصحراء بصفة عامة، نظرا لانشغالهم بالحروب المتعددة التي كانت مجبرة على خوضها مع القراصنة في البحر الأبيض المتوسط،. تاركة للإمبراطورية العلوية الشريفة تدبير شؤون الصحراء الكبرى، سواء الشرقية منها أو الغربية ، و التي كانت تحت نفوذها و سيادتها السياسية، و هذا ما تبث في الوثائق المفرج عنها مؤخرا في اسطنبول بتركيا و التي لم تستغل لحد الآن من طرف الدبلوماسية المغربية كأدلة واضحة عن روابط البيعة بين سلاطين المغرب و القبائل في الصحراء الشرقية و الصحراء الغربية  ( لإقناع الأمم المتحدة و محكمة العدل الدولية بلاهاي بهولندا.بتبعية ساكنة هده الصحاري للمملكة المغربية ).
أما بعد واقعة ايسلي غشت 1844، فيمكن الإشارة إلى أن الجنرال الفرنسي دولمورسيار
Général de la Mourcière في الحرب الأولى الفرنسية المغربية رفع شعار " لا سلم على حدودنا الغربية قبل القضاء على المغرب ككيان و كدولة مستقلة " ، فهذه الحرب المشار إليها أنتجت كل عناصر الأزمة الحالية المغربية الجزائرية، فلقد أظهرت المواجهات آنذاك اختلالا كبيرا في ميزان القوى بين المغرب الذي كان موزعا بين قبائل السيبة و قبائل المخزن و فرنسا، حتى سميت تلك الحرب بالغوغاء، حرب مكنت فرنسا بقطع كل طرق التواصل بين الدولة المغربية- التي أصبحت هدفا لأطماع ألمانيا و فرنسا و اسبانيا و البرتغال- و أقاليمها في الصحراء الشرقية، وضع نتج عنه ضعف في العاصمة الرباط و فوضى عارمة في القبائل البعيدة، مشجعة من طرف الاستعمار الفرنسي بسبب غياب رموز الدولة المغربية ( القواد و الباشاوات و الإدارة المخزنية بصفة عامة )، و بما أن الشر لا يأتي وحده، فالمنطقة عرفت جفافا متواصلا لمدة طويلة ولسنوات متوالية مصحوبة بمرض الطاعون. كل هذه الأسباب المختلفة جعلت العديد من سكان الصحراء الشرقية، يلجئون بالآلاف إلى المدن المغربية على الساحل الأطلسي أو مراكش، أو يموتون بسبب المرض أو التهجير القسري إلى مستعمرات أخرى فرنسية ككلدونيا الجديدة  (la nouvelle calidonie ) و كويانا  (Guyane ) بالمحيط الهادي بمحاذاة أمريكا اللاتينية، فالفرنسيون المنتصرون في واقعة ايسلي سنة 1844 سطروا حدود المغرب و مقاطعة الجزائر الفرنسية على مقاسهم وبشكل أحادي  (  (unilatéralement، يناسب مصالحهم الاستعمارية التي كانت تقوم على أبدية الجزائر الفرنسية، تاركين المنطقة الممتدة بين فجيج و عين صالح بدون ترسيم. إن ضعف الجيش المغربي و تفككه جعلا فرنسا تمتد وتتوسع نحو الشرق و الجنوب الشرقي للصحراء، تمدد لم يكن من السهل عسكريا على فرنسا، فلقد قامت حروب كبيرة مع القبائل في مدينة عين صالح، التي كان يتزعمها القائد الحاج المقري، الذي استشهد هو و أولاده في هذه المواجهات الدموية.
فسقطت الساورة، ثم اتوات وبعدها تيميمون، أما مدينة تندوف فلم يلحقها به الاستعمار الفرنسي الا في سنة 1952.. رغم المقاومة الهشة التي أبداها القائد "السنهوري" ومن معه من قبائل الصحراء المغربية الغربية، حيث وجدها الجيش الفرنسي شبه فارغة من سكانها، الذين نزحوا إلى المغرب الذي تم بسط الحماية عليه هو الآخر سنة 1912 كما هو معلوم .
فمطالب المغرب للصحراء الشرقية بدأت سنة 1953، و بصفة متكررة، فهي لم تأت من فراغ ولا بنية الهيمنة و إضعاف الجزائر المستقلة. فكانت المنطقة تشهد مظاهرات شعبية في كل من تندوف -و العبادلة -وكولومب بشار- وبني ونيف - والقنادسة- وتيميمون - وادرار- و عين صالح- وركان، وذلك برفع الأعلام المغربية و صور السلطان محمد الخامس و ترديد شعارات مؤيدة للمملكة المغربية، منادين بالعودة و الانضمام إلى المغرب البلد الأم، في المرحلة الممتدة من بداية استقلال المغرب إلى سنة 1962 تاريخ استقلال الجزائر. سكت المغرب عن مطالبه الترابية المتجسدة في صحرائه الشرقية، حتى لا يربك و يشوش على الجزائريين في حربهم التحرير ية،. كموقف تضامني منه للثورة الجزائرية دفع بالعديد من قادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية (
F.L.N ) إلى المطالبة بالسلطان محمد الخامس رحمه الله كملك واحد لمنطقة المغرب العربي بأكملها  ( تصريح المرحوم فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة الجزائرية GPRA ).
وهكذا تقرر تأجيل المطالبة بالصحراء الشرقية إلى ما بعد استقلال الجزائر، كما رفض محمد الخامس بصفته كملك للمملكة المغربية أي مباحثات في الموضوع مع الرئيس الفرنسي ديغول
De Gaules الذي كان يفاوض سرا و علانية الحكومة المؤقتة الجزائرية حول التنازلات المتبادلة بين الطرفين قبل إعلان الاستقلال، وحتى الإعلان عن الاستفتاء. إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن كما يقال، فمباشرة بعد استقلالها سنة 1962، قامت الدولة الجزائرية بضم الصحراء الشرقية التي انتزعت من المغرب، متنكرة للجميل وخارقة بذلك عهودها و التزاماتها المتضمنة في اتفاقية 6 يوليوز 1961. هذا التنكر للماضي تبعه طمس كل الرموز التي تؤكد مغربية المنطقة من طرف الجيش الجزائري، كما قتل العديد من سكان الصحراء الشرقية المطالبين بمغربيتهم في المواجهات التي عرفتها المنطقة مع فصائل من جيش التحرير الجزائري بسبب رفضهم المشاركة في استفتاء تقرير مصير الجزائر المنظم من طرف فرنسا يوم 19 مارس 1962. الأمر الذي دفع بالعديد من رقيبات الشرق في تندوف و جزء كبير من ساكنة مدن بشار، العبادلة، القنادسة  ( دوي منيع-أولاد جرير-لعمور-أهل القنادسة- و أهل زاوية سيدي امحمد بن بوزيان- وبعض قصور واد الساورة  ) الي الهروب من ديارهم والالتحاق بالجزء المحرر من الوطن المغرب. مع العلم ان الجناح السياسي لجبهة التحرير الجزائرية كان ينشط انطلاقا من مواقعه في المغرب ( فجيج -بوعرفة-وجدة-الناضور-مكناس-القنيطرة-قصرا لسوق بتافيلالت ) ولم يشفع له كرم الضيافة بحيث كان يخطط وينفد اغتيالات همت مع الأسف نشطاء شباب مغاربة من قبائل لعمور-دوي منيع-بني كيل-و اولاد جرير-اولاد سيدي عبد الحاكم في كل من وجدة-بوعرفة -فجيج-بوعنان-عين الشواطر وبوذنيب لأنهم كانوا يمشون بهمم عالية في الاتجاه المعاكس لسياسة الجزائريين بخصوص مستقبل الصحراء المغربية الشرقية وينادون جهرا بمغربيتها.مؤازرين في دلك من قيادات جيش التحرير المغربي (بوشعيب-عباس-ومصطفى البيضاوي ) الدي كان متواجدا هو الاخر على طول شريط الحدود مع الجزائر الفرنسية. (كان هدا يحدث في وقت كانت فيه السلطات المغربية عاجزة عن ردع الجزائريين بصفتهم "ضيوف المغرب ؟؟ "
أما وضع تندوف حاليا، فهي خليط من قبائل الركيبات وقبائل اشعانبة وقبائل تجكنت و الجزائريين الذين استقدموا من الشمال للاستيطان بكثافة في الواحات الفلاحية الغنية بالمياه الجوفية، كما قامت
الجزائر بتهجير عائلات بأكملها من الصحراء الشرقية إلى شمال الجزائر و خاصة تلك المعروفة بمغربيتها وزعامتها القبلية كقبيلة ذوي منيع و لعمور... كما أدخلت شباب هذه القبائل قسرا في صفوف الجيش الوطني الشعبي الجزائري  ( ليشكلوا أغلبية جيش "النينجا" المؤسس من طرف الجنرال محمد العماري.. و في ما سمي بالدفاع الذاتي ودلك للتصدي لمد التطرف الديني بعد إقصاء جبهة الاتقاد الإسلامية سنة 1992 )، وتعيينهم في وحدات بعيدة عن مناطقهم، قاطعين بذلك كل علاقة لهم مع أصولهم و عائلاتهم القاطنة بكل تراب الصحراء المغربية الشرقية.
أما تفاصيل تطور الخلاف بين المغرب و الجزائر في موضوع الصحراء الشرقية، فلقد تم الاتفاق حوله جزئيا بموجب اتفاقية افران لسنة1969 بين المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني و الرئيس الجزائري هواري بومدين. اتفاق أبقى كل الاحتمالات واردة من تندوف إلى عين صالح. وبهذه المناسبة استبشر الناس في المغرب كما في الجزائر خيرا بهذا الاتفاق الذي اشترط فيه المغرب مصادقة البرلمان المغربي على جميع بنوده ليكون ساري المفعول، والتي ترسم الحدود بصفة نهائية بين البلدين ، إضافة إلى الشراكة الاقتصادية لاستغلال المناجم الموجودة بينهما، الشيء الذي لم يحدث حتي الآن، و السبب يرجع إلى كون الجزائر فتحت جبهة أخرى بموضوع آخر ضد المغرب تتجسد في مشكل الصحراء المغربية الغربية قصد إلهائه لفترة قد تطول طوال الزمن فاقت لحد الآن ثلاثة عقود  (33 سنة بالضبط )، و الواقع أن شمال إفريقيا يعرف نزاعات متداخلة و مترابطة:
نزاع الصحراء الشرقية الذي ابتدأ جزئيا بحرب الرمال لسنة 1963  ( خدعة جر إليها الجيش المغربي لخدمة أهداف أخرى ) ولا زال ساكنا في العقول و الأفئدة و الملف بقي مفتوحا إلى الآن.
- نزاع الصحراء المغربية الغربية الذي انطلق في سنة 1975 تاريخ استرجاع المغرب للإقليم
- النزاع الليبي الجزائري حول ترسيم الحدود.
- الخلاف التونسي الجزائري حول نفس الموضوع.
- تمرد الطوارق في شمال مالي و النيجر و تشاد و دارفور في السودان، كلها نزاعات مترابطة و متشابهة.
في هذا السياق، لا ننسى نضالات سكان الصحراء الشرقية على المستوى الدولي، فلقد طرحوا مشكلاتهم أمام السلطات المغربية قبل استقلال الجزائر وبعده، وقد أحدثت لهم الدولة المغربية قيادة إدارية ترعى شؤونهم، لازالت قائمة إلى الآن ( قيادة دوي منيع بعين الشواطر بإقليم فجيج ) إلى حين تسوية الوضع مع الجزائر. كما تقدمت باسمهم جمعية مغربية "نسبت نفسها للمنطقة" بطلب عودة الصحراء الشرقية إلى الوطن الأم إلى محكمة العدل الدولية التي رفضت المطلب من ناحية الشكل وقالت إن الدول وحدها هي التي تطلب رأيا استشاريا من المحكمة و ليس الجمعيات أو الجماعات أو القبائل، كما راسلت هذه الجمعية منظمة الأمم المتحدة عدة مرات دون جدوى..وأشهرت شعارا حول المطالبة بمقاضاة فرنسا التي ورثت الجزائر الصحراء المغربية الشرقية،.. و القضية لازالت تتحرك على رمال ساخنة، فالنخلة التي تخفي الواحة لا يمكنها حجب الخلاف الجزائري المغربي حول الصحراء الشرقية التي هي محور الصراع الجزائري المزمن مع المغرب.

الخميس، 24 نوفمبر 2011

المطالبة باسترجاع أقاليم الصحراء الشرقية،الديبلوماسية الموازية تتحرك وطنيا و دوليا.



                       
فتحت ساكنة الصحراء الشرقية مؤخرا لائحة التوقيعات من أجل المطالبة باسترجاع أقاليم الصحراء الشرقية المغربية المغتصبة،من طرف الجزائر عبر الشبكة العنكبوتية من خلال موقع" الفايسبوك" الشهير، ولقد لقيت إقبالا كبيرا باعتباره الوسيلة الوحيدة على الأقل إلى حد الآن للم شمل أبناء الصحراء الشرقية والمتنفس الأرحب لفتح نقاش أوسع عبر الإنترنيت للتعبير عن معاناتهم الإنسانية والاجتماعية التي دامت نصف قرن، بعد سلبهم قسرا أراضيهم وخيراتهم، وتشريدهم عن ذويهم ، بعدما شهدت المنطقة انتفاضات متكررة لقبائل الصحراء الشرقية المغربية المغتصبة على مدى سنين، ولا يزال تذمر سكان هذه المناطق متواصلا يتم التعبير عنه جماعات أو فرادى بداخل هذه الأراضي مما يعرض الكثير منهم إلى المضايقات والزج بهم في السجن لمدة طويلة،
                     كما حصل للمغاربة الثلاث الذين ينحدرون من الصحراء الشرقية، الذين أدانتهم محكمة الجنايات ببشار بالجزائر بعشر سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهم، بعد ماعبروا عن انتمائهم للوطن الأم من خلال تسريب منشورات سرية تدعو إلى تعبئة الساكنة من أجل تحرير الصحراء الشرقية من الاغتصاب الجزائري، و التمست النيابة خلال مرافعتها تسليط عقوبة 20 سنة سجنا نافذا في حق المتهمين الخمسة مع إخضاعهم لفترة مراقبة أمنية مدة عشر سنوات وحرمانهم من الحقوق المدنية والوطنية،حيث اعتبرت أن هذه القضية«ليست قضية عادية، بل جريمة واغتيالا للإحساس بالوطنية» هذه الانتفاضات والتعبيرات الساخطة على الوضع القائم بهذه المناطق كانت ولا زالت مستمرة ضد النظام الجزائري العسكري القابض بيد من حديد على الوضع بالجزائر والخانق لحرية الشعب الجزائري الشقيق في العيش الكريم والتعبير عن رأيه بكل حرية سواء في الوضع الداخلي المتأزم أو في القضايا المرتبطة بالحدود مع المملكة المغربية، عبر هؤلاء المواطنون المغاربة بعين صالح وبشار والقنادسة من قبائل معقل وبني هلال والزناتيين والطوارق وأولاد أشبل،
وذوي منيع و اولاد جرير وغيرهم المنتشرون عبر مناطق الصحراءالمغربيةالكبرى التي تعرف بمناطق توات والساورة وتيديكلت الممتدة على مساحة تقدر بحوالي: مليون ونصف الكلم مربع (1.5 كلم2) عبروا عن مغربيتهم وولائهم للعرش العلوي من خلال تنظيم تظاهرات في هذه المناطق وعبر الكتابة على الجدران، بحيث تعرض الكثير منهم إلى القمع والتنكيل، والزج بهم في دهاليز السجون الجزائرية الرهيبة، ورغم ذلك استمر «النضال السري» لمغاربة الصحراء الشرقية في صمت عبر توظيف مختلف الطرق والوسائل ومن ضمنها حاليا وسائل الإعلام المكتوبة وشبكة الإنترنيت التي سهلت مأمورية تنسيق التحركات بين جميع الصحراويين المغاربة سواء المتواجدون في الصحراء الشرقية الكبرى المغتصبة أو في مخيمات تندوف أوفي مختلف بقاع العالم، مما يسر من تأجيج الوضع بالمخيمات عن طريق تبادل المعلومات والأفكار بين الأهالي والمناضلين الشرفاء الذين لا يقبلون بديلا عن العيش إلا في وطنهم المغرب وهو ما أحرج جنرالات الجزائر وضايق مسعاهم في طمس حقيقة الوضع بالصحراء الشرقية الكبرى سواء بداخل مخيمات العار أو بباقي مناطق هذه الأراضي المغتصبة.لم ينس أبناء الصحراء الشرقية المغربية المغتصبة قضيتهم الأساسية ، بحيث تأسست في مستهل الستينات" لجنة تحرير الصحراء" أو ما كان يطلق عليها" بجبهة تحرير الصحراء الكبرى" التي رفعت ملتمسا لجلالة الملك الحسن الثاني آنذاك أكدت فيه استماتة نضالها حتى تحرير باقي أجزاء التراب الوطني، وطالبت بتوزيع أمثل لتمثيلية ساكنة الصحراء الشرقية والغربية وموريتانيا بوزارة الدولة المكلفة بشؤون موريتانية والصحراء آنذاك، وتوفير شروط الاشتغال من أجل التعبئة والنضال على مختلف الجبهات. وكان قد وقع على جملة من هذه المطالب آنذاك كل من السادة:عبد الكريم التواتي، عبد العزيز قاسم التواتي، العبادلة ماء العينين(الساقية الحمراء) ليدات ماء العينين(الساقية الحمراء) المهدي بن عبد الجليل التيندوفي، البلعمشي أحمد يكن التيندوفي، الطالب البشير القندوسي، المامون بن مصطفى القندوسي، مولاي الشريف العلوي (العين الصفراء)، الحاج البكاسي، البكري محمد، الحاج شماد، الزاوي الجر يري، غربال الحمياني، لكبير العموري المختار بن أمانة الله التيندوفي، الغازي بوجمعة الجر يري، لفضيل السنيني لمنيعي، بوشنتوف محمد التواتي، الأمير محمد علي التاركي. وواصلت "الهيئة الوطنية للدفاع عن مناطق الصحراء الشرقية المغربية المغتصبة" التي تأسست سنة 1978 بمعية صحيفة "السلام" تبنيها الدفاع عن الصحراء الشرقية ،ولم تكثف من نضالاتها على مستوى الأصعدة الداخلية والخارجية إلا في العشرية الأخيرة من الألفية الثالثة، حيث فتحت صحيفة" السلام" نقاشا واسعا حول هذه القضية، وربطت اتصالاتها مع أبناء هذه المناطق في داخل المملكة وخارجها، ونشرت مختلف المذكرات التي وجهتها الهيئة إلى جلالة الملك،ومذكرات أخرى في نفس السياق إلى الدولة الفرنسية وإلى الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، وإلى دولة الولايات المتحدة الأمريكية وإلى دولة السودان ، ورفعت دعوة قضائية إلى المحكمة الدولية بلاهاي(08/02/2007)، كما جالست مختلف الهيئات السياسية الوطنية، وبعض الوزارات ذات الصلة بالموضوع وبعض الشخصيات الوطنية المشهود لها بمعرفتها بتفاصيل قضية الصحراء الشرقية، من أجل الحصول على دعم حكومي وسياسي وشعبي للتسريع بكشف حقيقة قضية الصحراء الشرقية المغربية المغتصبة من طرف الجزائر، وطالبت الهيئة الحكومة بتدريس التلاميذ والطلبة الخريطة المغربية الأصلية التي تضم كل أجزاء التراب الوطني من سبتة ومليلية والجزر الجعفرية بالبحر الأبيض المتوسط إلى الكويرة بالجنوب ومن المحيط الأطلسي إلى تخوم الصحراء الشرقية المغتصبة (الساورة ،توات ، تيديكلت) ، كما طالبت بتمثيلية لأبناء هذه الأراضي في الحكومة المغربية.إلا أن هذا الجهد النضالي الذي كان سيتوج بعقد مؤتمر(25/26/27غشت 2006) يعرف أكثر بتفاصيل هذه القضية، ويجمع ولأول مرة على طاولة نقاش واحدة وبشكل مباشر، ويصل الرحم بين أبناء الصحراء الشرقية المغتربين منهم والقاطنين بالمملكة المغربية، والمتواجدون بالجزائر الباقون على عهدهم بالانتماء إلى المملكة ، ينتظرون فرصة عودة أراضيهم إليهم وعودة أرضهم كاملة إلى وطنهم المغرب.هذا المؤتمر الذي تضافرت من أجل إنجاحه العديد من الأطراف المؤمنة بعدالة قضيتنا والذي كان قاب قوسين أو أدنى من انعقاده، إلا أن ذلك لم يتم وأصبح المؤتمر في خبر كان،وخيب أمل ساكنة المنطقة التي رأت في انعقاده بوثقة أمل لرد الحق إلى أصحابه أوعلى الأقل كانت فرصة ولأول مرة لساكنة الصحراء الشرقية من أجل الجهر بالحقيقة كاملة أمام الرأي العام الدولي.وللتعبير عن إرادتهم القوية في استرجاع هذا الحق المغصوب من طرف الجزائر ومن أجل إرجاع الحدود كما كانت عليه قبل الاستعمار الفرنسي للجزائر والمغرب معا،وكانت المنطقة قدعرفت تنظيم العديد من المظاهرات الشعبية سنة 1953 بكل من عين صالح وبشاروتندوف ولعبادلة رفعت خلالها الأعلام المغربية وصور الملك الراحل محمد الخامس، طالبين العودة إلى وطنهم المغرب.وكان أب الأمة المغربية الملك محمد الخامس طيب الله ثراه قد استقبل بعد ذلك وفدا يمثل أبناء منطقة الصحراء الشرقية سنة 1957 أكد لهم فيها ثبات المغرب على إعادة الأراضي التي هي بحكم التاريخ مغربية، والتي تمثل معاهدة “لآلة مغنية” (18 مارس 1845) إطارا مرجعيا لها، وهي المعاهدة التي وقعها المغرب مع فرنسا بعد هزيمته بمعركة أيسلي في 14 غشت 1844 بسبب دعمه لثورة الأمير عبد القادر الجزائري، ونصت هذه المعاهدة على استمرارية الحدود التي كانت بين المغرب وتركيا إبان استعمار هذه الأخيرة للجزائر، لتصبح هي الحدود بين المغرب والجزائر من بعد. وقد نجم عن هذا الخلاف الحدودي مواجهات عسكرية بين البلدين (أكتوبر 1963)، وتم احتواء النزاع بعد تدخلات دولية، إلا أن المشكل المتعلق بالصحراء الشرقية بقي عالقا خصوصا بعد اكتشاف الحديد بتند وف، إضافة لاستغلال النفط والغاز الطبيعي بالصحراء الشرقية. وتجددت المطالب المغربية بضرورة تسوية المشكلة، ليكتسي النزاع بعدا دوليا تداخلت فيه المصالح الأجنبية ورغم ذلك استمرت المفاوضات بين الطرفين (يفران في 15 يناير 1969) ثم مفاوضات(27 مايو 1970 )و مفاوضات( 15 يونيو 1972). وهذا ما ثبت في الوثائق المفرج عنها مؤخرا في اسطنبول بتركيا( 52 مليون وثيقة التي قد تمتد بعد ترتيبها على مسافة 16 كلم)و التي تؤكد بالدليل القاطع عن استمرارية روابط البيعة بين السلطان و القبائل في الصحراء الشرقية و الصحراء الغربية (الأمم المتحدة و محكمة العدل الدولية بلاهاي ) وكان الغرض من تهدئته للاضطرابات التي شهدتها الصحراء الشرقية المغربية الكبرى إلى عدم التشويش على الثورة الجزائرية التي كانت على مشارف الظفر بالحرية والاستقلال”. هذا الموقف التضامني دفع بالعديد من قادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية إلى المطالبة بالسلطان محمد الخامس رحمه الله كملك واحد لمنطقة المغرب العربي الكبير (تصريح المرحوم فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة الجزائرية). وهكذا تقرر تأجيل المطالبة بالصحراء الشرقية إلى ما بعد استقلال الجزائر.وإبان استقلال هذه الأخيرة، سارع الملك الراحل الحسن الثاني إلى مطالبة حكام الجزائر باسترجاع الأراضي المغربية التي اقتطعتها فرنسا الاستعمارية للجزائر بدون أي سند تاريخي أو شرعي، واستقبل سنة 1962وفدا يمثل قبائل الصحراء الشرقية بمدينة فاس وقال لهم: “إننا سنحمل هذا الأمر على عاتقنا" إلا أن بعد حصول الجزائر على استقلالها أصرت على معاكسة التاريخ ونكست كل تعهداتها والتزاماتها التي التزمت بها أمام الجزائريين أولا وأمام المغاربة قاطبة وأمام الرأي العام الدولي. إن الجزائر لم تكتف بأن تنكث كل تعهداتها في هذه القضية فحسب، وإنما استبقت إلى معاكسة المغرب في استرجاع صحرائه الغربية المغربية بدعمها للبوليساريو في حملة اختطافات واسعة غير مسبوقة لأبناء الصحراء المغربية ابتداء من منتصف السبعينات شملت الأطفال والنساء والشيوخ، مسنودة في ألاعيبها الشيطانية بمن يستغلون خيرات الجزائر النفطية التي تعبث بها طغمة قليلة من حكام الجزائر دون حسيب ولا رقيب، بعدما سيطرت على الشعب الجزائري باستعمالها كل وسائل الترهيب والتعذيب والتنكيل وخلق ما يسمى" بالقاعدة " التي لم تكن سوى صنيعة النظام الجزائري كوسيلة لإسكات كل من سولت له نفسه الجهر بحقيقة أوضاع الشعب الجزائري المتردية، رغم ما يدره النفط والغاز من مداخيل خيالية لم تنعكس بالإيجاب على وضعية الشعب الجزائري الشقيق. كل هذه المفوضات والتنازلات لم تفض إلى ما يرجع حق المغرب في أرضه وما ينفع الشعبين الجزائري والمغربي في إطار اتحاد المغرب العربي الكبير الذي ما فتئ المغرب يجعله الحل الأمثل لتنمية وتقدم وتطور المنطقة المغاربية، وجعلها قوة اقتصادية وبشرية مهمة في شمال إفريقيا.

الأحد، 20 نوفمبر 2011

ساكنة الصحراء الشرقية :قبيلة ذوي منيع بين الحرمان من صلة الرحم ، والحق في جبر الضرر الجماعي .


                 إذا كانت هيئة الإنصاف والمصالحة قد أنهت مهمتها وخلصت إلى ضرورة جبر الضرر في شقيه الفردي والجماعي ، حيث عوض من عوض ، وأقصي البعض عن قصد أو بدونه ولازال ينتظر.    
              وإذا كان أمر القضية الوطنية حين وصل الصراع إلى انبثاق المخرج الذي اعتبرته الدول الوازنة في مجلس الأمن مخرجا واقعيا ، قد أسفر عن قبول الأطراف بفكرة تبادل الزيارات بين الأقارب في الصحراء المغربية مع ذويهم الذين وجدوا أنفسهم في خضم هذا المشكل المفتعل محتجزين بتندوف ،لتقلع الطائرات وتنطلق السيارات من هنا وهناك ، حيث تعانق الأحبة وأدرفت الدموع، الزيارات التي صاحبتها متابعة و تغطية إعلامية أرخت للحدث.
              و رغم عدم إثارة المشكل ذاته بالنسبة لمواطني سبتة ومليلية المحتلتين ، الذين يعيشون وضعا اساثنائيا -وإن كان شاذا- يسمح لهم على الأقل بتبادل الزيارات و صلة أرحامهم، بسكان المدن المتاخمة للثغرين بمجرد الادلاء ببطاقة التعريف الوطنية .
             فإن الملاحظ أن الكل ابتلع لسانه بخصوص وضعية ساكنة الحدود في الجنوب الشرقي للمملكة و’’ الجنوب الغربي للجزائر’’ هذا الشريط الذي تقطنه قبائل كثيرة ، وجدت نفسها موزعة لأول مرة في التاريخ بعد 1962 نذكر من بينها  على الخصوص : قبيلة ذوي منيع وأولاد جرير ، لعمور ، الشعانبة ... ، فهؤلاء منذ أن وجدوا وعاشوا فوق هذه الأرض الطيبة لم يفرق بيتهم لا العثمانيون ولا العوامل الطبيعية ...إلى أن نالت الجزائر استقلالها كوريثة لفرنسا الاستعمارية. فمنذ ذلك التاريخ انتصبت الأسلاك الشائكة وزرعت الألغام وشيدت أبراج المراقبة ووظفت جيوش جرارة من المخبرين والوشاة والعيون ، وشددت الحراسة على السكان في حركاتهم و سكناتهم من كلا الجانبين : فكم انتهكت حقوق ، و سجن أناس ، وضرب وعذب آخرون بسبب وشاية كاذبة أو اصطناع قصة خيالية : فمذياع شخص أضحى لاسلكيا ، وخيمة أعرابي في الصحراء صارت مقرا لاجتماعات مشبوهة ، وتتواصل مقامات بديع الزمان المنيعي ليحدث – بدون سجع ولا قافية – عن ذلك الأب الذي مات وحيدا في بشار ، أوالعبادلة ، أو القنادسة ، وشاهدنا الأبناء يقيمون العزاء بالرشيدية أو أرفود أو بوذنيب ... والعكس صحيح، إنه حقا وضع مأساوي تعيشه أسر هذه القبائل التي جردت من كل شيء،وضع يجعل كل من يملك بين جوانحه قلب إنسان حقيقي ينفطر لهول ما يسمع، و يقف كالمصعوق حين يعلم أن الأخ لم ير أخته، ولا الأب ابنه منذ 1962 ،  إلى غاية1989 حين فتحت الحدود ليتقاطر الناس على ذويهم ، بل أكثر من ذلك قد يصاب المرء بما يشبه الصعقة الكهربائية عندما يحدثه محدث أنه حين ذهب إلى نقطة الحدود لاستقبال قريب لم يره إلا في صور قديمة ، فيشرع أمام رجال الجمارك في تفرس الوجوه والسؤال بصوت عالٍ ومسموع : أين فلان ؟ !أنا أخ فلان!! أو أب فلانة! أرجوكم حين يصل فلان اخبروه أني أخوه أو أبوه أو ابن عمه ...!!
             و في هذا الصدد تتذكر ساكنة هذه الربوع و بمرارة كيف أن أسرا كانت غنية بقطعانها من الإبل والأغنام ، أضحت بين ليلة وضحاها معدمة وفقيرة،لمجرد أن قطعانها اجتازت في غفلة منها الحدود الوهمية  المصطنعة التي لم تصبح في عرف ساكنة المنطقة "حدودا "إلا بعد 1962،كما لم تعرف أي  تحرك للديبلوماسية المغربية التي التزمت الصمت وكأن الأمر لا يعني مواطنين مغاربة  بما في ذلك من مساس بسيادة الدولة،ولا تعويضا من طرف السلطات الإقليمية التي وقفت موقف المتفرج.
            إن السكان المتحدرين من الصحراء الشرقية والمستقرين أساسا بأقاليم الرشيدية و فجيج و غيرها من المدن المغربية يطالبون السلطات بتصحيح ما لم تنتبه إليه هيئة الإنصاف والمصالحة التي و أن كانت محكومة بأجندة حقوقية ذات طابع سياسي ، فإن وضعية المتحدرين من الصحراء الشرقية المغتصبة تبقى أجندة وطنية ذات طابع جيوسياسي .
           فهل بإمكان إعادة الدفء للعلاقات المغربية الجزائرية الجارية أطوارها في الأيام الأخيرة أن يعالج هذا الوضع الشاذ، الذي تسبب في تشتيت أسر و ضياع حقوق و ممتلكات، في تناف تام مع كل المواثيق و الأعراف الدولية و الإتسانية ؟
           سؤال ننتطر أن تجيب عنه المستجدات في القريب من الأيام من خلال اللقاءات التشاورية الجارية أطوارها بين وفدي البلدين الجارين لطي صفحة الماضي،و الدفع في تقاربهما، و حرية تنقل أبناء الشمال الإفريقي بحرية بين بلدانه ،و بعث الروح في الاتحاد المغاربي ليشكل قوة لتحقيق اندماج اقتصادي بين  كل مكوناته.

الجمعة، 18 نوفمبر 2011

كيف اغتصبت الصحراء الشرقية؟

ملاجطة:
آثرت اقتباس هذا المقال الرائع لصاحبه لعلاقته بالصحراء الشرقية المغتصبة
إدريس ولد القابلة
تعرض المغرب للتمزيق على امتداد تاريخه، سلبت منه موريتانيا والصحراء الشرقية، وكادت الصحراء الغربية أن تسلب منه كما سلبت سبتة ومليلية والجزر الجعفرية.
إن قضية الصحراء الشرقية واستيلاء الجزائر على نفطها وغازها بغير وجه حق هو سر الحرب طويلة الأمد التي تخوضها الجزائر ضد المغرب بالصحراء الغربية، وستظل كذلك حتى ولو تم طي ذلك الملف.
وقضية الصحراء الشرقية ونفطها من القضايا التي قد تربك، ولا شك، العلاقات بين الدول، لاسيما فرنسا والجزائر والمغرب وأمريكا.
فآبار النفط تقع في أرض تابعة للصحراء الشرقية، ولازالت الجزائر تستبيح لنفسها حرية المتاجرة بهذه الثروة “المغربية” عالميا، على مرأى ومسمع أصحاب الأرض الشرعيين.

لقد طالب المغرب باسترجاع صحرائه الشرقية، وهذا أمر مسجل لدى هيأة الأمم المتحدة والمنتظم الدولي منذ اتفاقية “إكس ليبان” المشؤومة في عيون الكثيرين.
إذا أردت أن تضيع الحقيقة فاجعلها موضوع صراع بين دولتين من دول العالم الثالث.. هذا هو حال قضية الصحراء الشرقية وصراع المغرب والجزائر حول الحدود، وهي القضية التي عرفت ليّ عنق البديهيات التاريخية والجغرافية والاجتماعية والسياسية، وأضحت تأخذ لونا معينا هنا ولونا آخر هناك.
وقضية الصحراء الشرقية، بنفطها وغازها، لها من الخصوصية ما يجعلها من القضايا التي تورط بخصوصها أكثر من طرف، دولا وأحزابا ومنظمات دولية وإقليمية.. ورغم أن الحق واضح لا غبار عليه ظلت الحقيقة ضائعة تارة ومغلفة بتعابير الوحدة والمصير المشترك تارة أخرى، وتبين في الأخير أنها مجرد أقنعة سميكة تغطي عداء عنيفا اغتال جوهر الحقيقة، وهو على وشك تصفيتها إن لم تبادر الجهات المسؤولة في إثارة قضية الصحراء الشرقية بشكل جذري.
وهذا يقتضي العودة إلى الجذور.. جذور التاريخ والجغرافية والإنسان والمواقف والصراعات لاستشراف جوهر حقيقة الصحراء الشرقية، بنفطها وغازها وحديدها وخيراتها الأخرى، بوضوح وشفافية وموضوعية، حقيقة انتساب هذه المنطقة إلى المغرب أرضا وساكنة وانتماء.
ظل الراحل الحسن الثاني يحث المغاربة حول الانكباب على دراسة تاريخ المغرب والتمسك بجغرافيته، غير أن الكثيرين لم يفهموا هذا الإلحاح، وبقي لغزا معلقا، لكن بفهم قضية الصحراء الشرقية وملابساتها ينكشف السر ويتضح فحوى اللغز.
لقد قيل كلام كثير عن وصية الراحل الحسن الثاني، وإن كان مضمون وصيته بالنسبة لعائلته الصغيرة مازال في علم الغيب بالنسبة للمغاربة، فإن وصيته لهؤلاء واضحة ولا غبار عليها، الاهتمام بالتاريخ قصد تصحيح ما تم اقترافه من أخطاء، وقضية الصحراء الشرقية إحدى مفاتيح وصية الراحل الحسن الثاني لعموم المغاربة.
فهل الصحراء الشرقية أرض مغربية ونفطها وغازها مغربيان اغتنت بهما الجزائر على حسابنا؟ لذلك فلا خيار لها إلا معاداتنا ومحاربتنا لشغلنا عن المطالبة بأرضنا ونفطنا وغازنا؟
الجزائر قرصنت النفط المغربي بتواطؤ مع فرنسا وتقاعس حكوماتنا
استولت الجزائر، ظلما وعدوانا على الصحراء الشرقية المغربية وتصرفت في خيراتها، سلبا ونهبا، وها هي تتصرف في نفطها وتصدره وتبيعه، وصارت بفضل نفط مغربي عضوا بارزا في منظمة “أوبيك”.
لا يوجد ولو مستند واحد أو تصريح أو إجراء يفيد أن الشعب المغربي تخلى عن صحرائه الشرقية لفائدة الجزائر، سواء إبان الاحتلال الفرنسي أو بعد الاستقلال، ومختلف المراجع الفرنسية القديمة تضمنت عبارة الصحراء المغربية الكبرى وضمنها الصحراء الشرقية والصحراء الغربية وموريتانيا (Le Grand Sahara Marocain).
تدّعي الجزائر أن الصحراء الشرقية “ارث” قديم آل إليها عبر الاحتلال الفرنسي، كأن الشعوب في عرف جنرالات الجزائر، بمثابة أمتعة تورث وتسلم، علما أنها (الجزائر) نفسها حاربت الاستعمار الفرنسي وطردته من أراضيها بفضل مساندة المغرب، شعبا وحكومة وملكا، وبالرغم من ذلك قبلت أن تحل مكان المستعمر باستمرارها لاحتلال الصحراء الشرقية رغما عن أهلها.
فمنذ أن وضعت الجزائر يدها على الصحراء الشرقية الغنية بالنفط والغاز والحديد، تحول موقفها اتجاه المغرب رأسا على عقب وتغير خطابها إزاءه بـ 180 درجة، وظل منذئذ موقفها عدائيا لبلادنا، وقد انساق جماعة من مناضلي الشعب المغربي وراءها في مرحلة معينة، والآن انكشف أمرها بجلاء.
وقد سعى جنرالات الجزائر دائما إلى إرباك المغرب وخلخلة مجتمعه قصد الوصول إلى زعزعة الاستقرار به وإطالة حرب الاستنزاف، وذلك منذ سنة 1962، وعندما رغب الراحل محمد بوضياف في تغيير المسار تعرض للاغتيال دون تردد.
ومن جهة أخرى سعى النظام الجزائري إلى تخريب الاقتصاد الوطني المغربي عبر التهريب تحت إمرة المخابرات الجزائرية التي نجحت نسبيا في النيل من بنيتنا الاقتصادية والاجتماعية بالمناطق الشرقية.
طبعا، بدون تواطؤ فرنسي لم تكن الجزائر لتضع يدها على صحرائنا الشرقية وتصبح غنية بنفطنا وغازنا. ومن المعلوم أن فرنسا هي التي سلمت الصحراء الشرقية للجزائر رغم علمها، علم اليقين، أنها أرض مغربية وليست جزائرية، وبالتالي يتوجب عليها، آنيا أولا حقا، مهما طالت المدة أو قصرت، الإعلان عن خطأ تسليم الجزائر أرضا غير أرضها، والدعوة إلى سبل تصحيحه أو على الأقل تقليص انعكاسات هذا الخطأ الجسيم والتي كانت وخيمة  على الشعب المغربي، وكذلك على باقي شعوب المغرب العربي.
لقد اقترفت فرنسا جريمة عندما تخلت عن الصحراء الشرقية للجزائر عقب اتفاقية “إيفيان” والتي بموجبها حصلت الجزائر على استقلالها، وعلى باريس الآن أن تعترف بخطأها الجسيم، هذا ما طلبته الهيأة الوطنية للمناطق الشرقية المغربية المغتصبة من الرئيس السابق جاك شيراك بصفة رسمية ومباشرة، خصوصا وأن فرنسا مارست علينا الحماية من 1912 إلى 1956، حيث حصل المغرب على استقلال ظل مبتورا، ولازال كذلك إلى حد الآن ما دامت الصحراء الشرقية وسبتة ومليلية والجزر الجعفرية خارج حوزة الوطن الأم.
كان علال الفاسي يعلن وهو خارج المغرب في السنوات الأخيرة من عهد الحماية، أن استقلال المغرب لن يتم بغير وحدته الترابية، شماله وجنوبه وشرقه، وأخذ يوجه حزب الاستقلال إلى عدم الاعتراف بأي تقسيم قامت به الحماية.
وإبان الاستقلال حل وفد من الصحراء الشرقية ضيفا على علال الفاسي حيث إقامته بحي الليمون بالرباط لإثارة موضوع الصحراء الشرقية المغتصبة، فخاطب أعضاء الوفد قائلا: “لا تستعجلوا فالنصر حليفنا لو توفرت لنا خصال ثلاث وهي: - خصلة أن يكون المغرب والمغاربة بعمر النبي نوح، خصلة أن يكون للمغاربة مال قارون وخصلة أن يكون للمغاربة صبر النبي أيوب”، ولذلك ظلت الصحراء الشرقية، بنفطها وغازها وحديدها، مسلوبة من الشعب المغربي.
لقد أبرم الملك الراحل الحسن الثاني في سنة 1961 اتفاقية مع فرحات عباس، مفادها عدم الإسراع بتصفية مشكل الحدود بين البلدين، إذ أن المغرب رفض مفاوضة الحكومة الفرنسية قصد استرجاع الصحراء الشرقية والحرب التحريرية الجزائرية متوهجة، لذلك اتفق المغرب مع الحكومة المؤقتة عن طريق مرسوم مكتوب يؤكد أن الحدود التي وضعها الاستعمار في الصحراء ليست هي الحدود الحقيقية، وستقوم الدولتان، بعد الاستقلال بمراجعة الوضعية في الصحراء وإعادة الجزء الذي سبله الاستعمار إلى أصحابه، لكن الجزائر أسرعت بالتنكر لهذه الاتفاقية واعتبرتها غير ذات قيمة وبالتالي فإنها لا تعكس إرادة الشعب الجزائري، ومن ثمة كانت حرب الرمال سنة 1963.
ظل الخلاف الحدودي قائما بين الجارين، وهو الخلاف الذي تدافع فيه الجزائر عن حدودها كما تركها الاستعمار الفرنسي، في مقابل المغرب الذي طالب بحدوده كما كانت قبل مجيء الاستعمار، والتي تمثل معاهدة “لالة مغنية” (18 مارس 1845) إطارا مرجعيا لها، وهي المعاهدة التي وقعها المغرب مع فرنسا بعد هزيمته بمعركة إيسلي في 14 غشت 1844 بسبب دعمه لثورة عبد القادر الجزائري، ونصت هذه المعاهدة على استمرارية الحدود التي كانت بين المغرب وتركيا لتصبح هي الحدود الرسمية بين المغرب والجزائر.
وتلت هذه الاتفاقية عدة اتفاقيات أخرى في 1901 و1902، حيث كانت ترتبط بدرجة تقدم التوغل الاستعماري لفرنسا في المغرب وسعيها إلى تثبيت وجودها في الجزائر مما كان يفضي للانتقاص التدريجي من التراب المغربي. ومنذ حصول المغرب على الاستقلال ومشكلة الحدود مع الجزائر مطروحة، وقد نجم عن هذا الخلاف مواجهات عسكرية بين البلدين (أكتوبر 1963)، وتم احتواء النزاع بعد تدخلات عربية وإفريقية، إلا أن المشكل المتعلق بالصحراء الشرقية بقي عالقا خصوصا بعد اكتشاف الحديد، إضافة إلى استغلال النفط والغاز الطبيعي.
وتجددت المطالب المغربية بضرورة تسوية المشكلة، ليكتسي النزاع بعدا دوليا حيث اصطبغ المشكل بصراعات الحرب الباردة، لاسيما بعد انقلاب بومدين في سنة 1965، ولم يخل هذا التوتر من صدامات عسكرية في 1967 أدت إلى سعي المغرب طرح النزاع على الأمم المتحدة.
وما غذى النزاع بقوة هو صعوبة استغلال الحديد المكتشف بالصحراء الشرقية إلا بنقله عبر الصحراء في اتجاه المحيط الأطلسي اعتبارا لكلفته الكبيرة، من منطقة تندوف إلى الساحل المتوسطي للجزائر في الشمال، الشيء الذي فرض على الطرفين الدخول في مفاوضات تتيح الاستغلال المشترك لمناجم الحديد مقابل الاعتراف المغربي بجزائرية منطقة تندوف، حيث كان من ثماره مفاوضات إيفران في 15 يناير 1969 ثم مفاوضات 27 مايو 1970 وبعدها مفاوضات 15 يونيو 1972 والتي انبثقت عنها معاهدة حول الحدود المغربية الجزائرية بخصوص تندوف والمشاركة في إنتاج وتسويق حديدها ودعم الجزائر لمغربية الصحراء.
وقد تلا هذا، تصريحات جزائرية مؤيدة للحق المغربي في الصحراء الغربية، لكن سرعان ما تحول الموقف الجزائري وانقلب رأسا على عقب بدءا من سنة 1975.
في هذه الفترة تدخل العامل الدولي بقوة، إذ أن سياسات القوى الدولية تجاه المنطقة المغاربية ارتكزت على التحكم في العلاقات المغربية الجزائرية والموازنة بين طرفي هذه العلاقات، وذلك حسب الأولويات التي تحددها القوى الأجنبية التي ترى فيها خزانا نفطيا، دون أن تهتم بمن هو المالك الشرعي لهذا النفط، فضلا عن موقع المنطقة الاستراتيجية وعن كونها سوقا للسلاح بامتياز.
هذه الأجواء عمقت ارتهان المغرب لنزاع الصحراء وأصبح رهانا جزائريا تضمن من خلاله إشغال المغرب عن المطالبة بالصحراء الشرقية وخيراتها، مثلما هو الحال بالنسبة لإسبانيا التي اختارت نفس المنحى حتى لا يتحرك المغرب للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية والجزر المحتلة.
وحسب علي بنبريك، رئيس الهيأة الوطنية للمناطق الشرقية المغربية المغتصبة، كان الراحل الحسن الثاني بصدد تهييء مسيرة ثانية نحو الصحراء الشرقية المغربية المغتصبة، حيث كان يريدها مسيرة وحدة المغرب العربي الكبير التي تلغي الحدود وتكسر القيود على امتداد الفضاء المغاربي.
علما أنه في عهد الملك محمد الخامس كان المغرب يتوفر على وزارة اسمها “وزارة الصحراء وموريتانيا” تعنى باستكمال الوحدة الترابية، وقد كانت وزارة مستقلة عن وزارة الشؤون الخارجية، لكنها لم تضطلع بمهمتها بفعل ظروف التآمر والخيانة. وكان يعمل بها وطنيون يمثلون أهالي الصحراء الغربية والصحراء الشرقية، لكن سرعان ما تم تهميشهم وإفراغ الوزارة من محتواها إلى أن تم إقبارها.
كيف ضاعت الصحراء الشرقية؟
كانت سنة 1836 تاريخ بداية الغزو الاستعماري الفرنسي للمغرب، وقد استمر في ابتلاع خيرات الصحراء إلى حدود فرض الحماية الفرنسية سنة 1912، وظلت الصحراء الشرقية بخيراتها بيد فرنسا إلى حدود سنة 1962، إذ أن باريس تخلت عنها بغير وجه حق للجزائر عند الإعلان عن استقلال الجزائر. وهكذا انتقلت الصحراء الشرقية من الاحتلال الفرنسي إلى الاحتلال الجزائري.
ولم تخل هذه المرحلة من الاحتجاجات، حيث احتج المغرب الرسمي سنة 1958 على التجربة النووية الفرنسية التي قامت بها بمنطقة “الركان” بالصحراء الشرقية، إذ دعت الرباط آنذاك إلى توقيف التجارب النووية على اعتبار أنها تقام على جزء من التراب المغربي دون موافقة أصحاب الأرض الشرعيين.
كما أكد لنا مصدر إعلامي جزائري مطلع، فضل عدم الكشف عن هويته، أن مناطق الصحراء الشرقية ظلت تعرف من حين لآخر انتفاضات أهاليها ضد النظام الجزائري، وآخرها التحركات التي تزامنت مع حدث رغبة بعض سكان الحدود (بوعرفة) في التوجه إلى الجزائر والتي كانت للمخابرات الجزائرية يد في افتعالها.
وفي سنة 2005 عبر مواطنون بعين صالح وبشار والقنادسة (بالجزائر حاليا) عن مغربيتهم رفعوا شعارات ضد الحكام الجزائريين وكتبوا على الجدران “نحن مغاربة ولسنا جزائريين”، وقد تعرض الكثير منهم للتعسف والقمع والتنكيل وزج بهم في سجون توجد بالجزائر العاصمة والمعسكر بعيدا عن الصحراء الشرقية.
تضم الصحراء الشرقية أكثر من 6 ملايين نسمة، حيث ظلوا يتعرضون إلى مختلف أنواع التعسفات، وكان من الأولى أن تبادر الأمم المتحدة إلى إجراء تقصي في الموضوع، علما أن أكثر من مليوني من سكان الصحراء الشرقية اضطروا للعيش بعيدين عن أرضهم كنازحين في حماية ملوك المغرب الثلاثة: محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس. واعتبارا للتعتيم الذي لحق بقضيتهم منذ فجر ستينات القرن الماضي، أحبطت آمالهم، فلا هم التحقوا بوطنهم الأصلي المغرب ولا هم استفادوا من نفط أرضهم وخيراتها ووجدوا أنفسهم مرغمين على الخضوع للنظام الجزائري في وقت ظل المجتمع المدني الدولي يتجاهل معاناتهم.
في البداية فُرضت عليهم الجنسية الفرنسية، ومنذ 1963 فُرضت عليهم الجنسية الجزائرية رغم أنهم يعتبرون أنفسهم مغاربة، وتتحمل فرنسا نصيب الأسد بخصوص محنتهم هذه.
ومما يحز في النفس حقا أن المغاربة انخرطوا، قمة وقاعدة، في نكران الذات لخدمة الجزائر وشعبها قبل الثورة سنة 1954 وأثناءها إلى أن تحقق استقلال الجزائر بفضل ما قام به المغرب والمغاربة، وبدلا أن تبادل الجزائر المغرب كرما بكرم أدارت وجهها وكشرت عن أنيابها، وتأكد هذا المنحى منذ 1963، وتلا ذلك طرد 45 ألف مغربي سنة 1975 ردا على المسيرة الخضراء والمتاجرة في ساكنة مخيمات الحمادة، ولم يرد المغرب ولو مرة واحدة بالمثل.
وها هي الجزائر الآن تحشد عداءها وحربها الاستراتيجية طويلة الأمد على المغرب وتمويلها بفضل نفط مستخرج من أرض مغربية.
الموقف الرسمي
تهيب من إثارة قضية الصحراء الشرقية
إن قضية الصحراء الشرقية من القضايا التي عرفت أكبر قدر من التعتيم، بل رغبت أكثر من جهة في إقبارها ومحو أثرها، وكادت أن تبلغ مسعاها لولا حرص أبناء الصحراء الشرقية على التذكير بها منذ منتصف ستينات القرن الماضي لعل الذكرى تنفع المومنين.
ظل الموقف الرسمي غامضا بخصوص الصحراء الشرقية، إن المغرب في تهيب من إثارة هذا الموضوع أمام الجزائر، والسؤال المطروح حاليا هو: إذا كانت الجزائر الآن في حالة ضعف وانحلال داخلي، فكيف يكون مصير قضية الصحراء الشرقية ونفطها، عندما تصبح دولة أقوى، وطبعا لا يمكن فصل هذه القوة عن استمرار السطو على نفط الصحراء الشرقية، التي هي أرض مغربية؟
لذا يبدو أنه حان الوقت لإثارة هذه القضية رسميا ومن طرف جهة رسمية في المحافل الدولية، لأن علال الفاسي وغيره من الوطنيين لم يكونوا على خطأ عندما طالبوا باسترجاع الصحراء الشرقية، وما داموا على صواب فعلى الدولة الاستمرار في النداء باسترجاعها.
في سنة 1957 استقبل الملك الراحل محمد الخامس وفد الصحراء الشرقية، وقال لهم: “التزموا بالهدوء، فما هو، بحكم التاريخ مغربي، سنعيده”. وفي سنة 1962 استقبل الملك الراحل الحسن الثاني وفد الصحراء الشرقية بمدينة فاس وقال لهم: “إننا سنحمل هذا الأمر على عاتقنا”، علما أن الراحل الحسن الثاني ظل ينادي بدراسة التاريخ ويحث المغاربة على القيام بذلك.
وحسب أكثر من مصدر، وقع الحسن الثاني، بخصوص موضوع الصحراء الشرقية، ضحية لأفقير وأحمد رضا كديرة وعناصر المخابرات الجزائرية التي كانت تحيط به، ومع ذلك كان الحسن ذكيا ولم يعرض اتفاقية الحدود المبرمة مع الجزائر بإيفران على البرلمان المغربي للمصادقة عليها، ولم يثر الأمر مع الجزائريين من جديد إلا بعد مجيء الراحل محمد بوضياف الذي وعده بحل هذا المشكل، لكنه أدى الثمن غاليا بخصوص ذلك.
أضحت الآن الحكومة المغربية مطالبة بفتح ملف الصحراء الشرقية، والبدء بإثارته في المحافل الدولية وعرض الوثائق التي بحوزة “كي دورسي” وتركيا، علما أن أغلب الوثائق التي أدلى بها المغرب لمحكمة “لاهاي” بخصوص ملف الصحراء الغربية، أغلبها وثائق متعلقة بالصحراء الشرقية وتثبت مغربيتها بامتياز.
موريس كلافيي / المستشار الثاني للسفير الفرنسي بالرباط
فرنسا مستعدة للتحرك شريطة تولي الدولة المغربية الملف
أفادنا مصدر من السفارة الفرنسية بالرباط أن موريس كلافيي، المستشار الثاني للسفير الفرنسي في الرباط، أن الدولة الفرنسية مستعدة للتحرك بخصوص ملف الصحراء الشرقية الشائك جدا، لكن شريطة أن تتحرك الدولة المغربية رسميا وجهرا وبوضوح في هذا المضمار، ولم يخف استعداد الدولة الفرنسية سيرها على هذا الدرب إذا قام المسؤولون المغاربة بما يلزم بخصوص هذه النازلة التي ظلت تشكل قلقا حضاريا وأخلاقيا بالنسبة للدولة الفرنسية منذ مدة طويلة.
وفي هذا الإطار أكد لنا القائمون على أمور الهيأة الوطنية للمناطق الشرقية المغربية المغتصبة أنهم استقوا من لقاءاتهم مع مسؤولين بالسفارة الفرنسية بالرباط، أن هؤلاء يقرون بمغربية الصحراء الشرقية جملة وتفصيلا، دون استثناء ولو شبر واحد منها.
كما أن موريس كلافيي لم يستبعد إمكانية مراجعة مختلف الوثائق والوعود والمواثيق بين فرنسا والجزائر، هذا إذا عملت الدولة المغربية على إبراز مشكل الصحراء الشرقية والمطالبة بتصحيح المسار.
ومن المعلوم أن السفارة الفرنسية بالرباط عقدت أكثر من لقاء مع أعضاء الهيأة الوطنية للمناطق الشرقية المغربية المغتصبة، واستمعت لمطالبهم بخصوص ضرورة استرجاع المغرب لصحرائه الشرقية المغتصبة، كما سلمت السفارة مذكرات موجهة إلى الرئيس نيكولا ساركوزي بهذا الخصوص وأخرى موجهة إلى الوزير الفرنسي في الشؤون الخارجية.
أكد علي بنبريك، رئيس الهيأة الوطنية للمناطق الشرقية المغربية المغتصبة أنه توصل بكتاب رسمي من سفارة فرنسا بالرباط لإخباره أن المذكرات وصلت إلى أصحابها وأنه سيتوصل بالجواب عما قريب مع تأكيد فحوى الحوار الذي دار بين الهيأة وأحد المسؤولين الكبار وهو المستشار السابق للسفير الفرنسي.
وتجدر الإشارة إلى أن الهيأة الوطنية للمناطق المغربية المغتصبة أثارت موضوع الصحراء في عهد الرئيس جاك شيراك، وهو الذي أصدر تعليماته للسفارة الفرنسية بالرباط لمدارسة هذا الموضوع مع أعضاء الهيأة.
وهناك أساتذة من الصحراء الشرقية، يشتغلون بجامعة السوربون ومهندسون مرموقون بالإدارة الفرنسية على اتصال دائم بالمسؤولين الكبار هناك بخصوص هذه القضية، وهم الآن بصدد تهييء الظروف لذهاب وفد الهيأة إلى “كي دو رسي” لمقابلة نيكولا ساركوزي.
يؤكد أكثر من مصدر أن جاك شيراك كان على استعداد لإثارة إشكالية الصحراء الشرقية لو أن الدبلوماسية المغربية والدولة المغربية تحركتا في الوقت المناسب، إلا أن المغرب ضيع هذه الفرصة على لسان فرنسا ما دامت الجزائر تعتبرها إرثا لها.
و من المعلوم أنه في سنة 1958 خاطب الجنرال دوغول الملك محمد الخامس و قال له:”عليكم استرجاع صحراءكم”، آنذاك كانت المساومات في أوجها، لكن أخلاق الملك منعته من طعن الجزائريين من الخلف وقيئذ، لأن ثمن استرجاع الصحراء الشرقية، بنفطها و غازها، هو الاتزام بالتخلي عن مساندة الثورة الجزائرية.
لكن إذا كانت فرنسا عاقبت المغرب لمساندته الثورة الجزائرية، و اقتطعت أجزاء مهمة من ترابه، أولا موريتانيا ثم الصحراء الشرقية، فعلى الدولة الفرنسية، مثلما اعترفت بأنها أخطأت في حق الملك محمد الخامس، من الفضيلة أن تعترف كذلك أنها أخطأت باقتطاع الصحراء الشرقية من المغرب و تسليمها للجزائر حارمة الشعب المغربي من نفطه و غازه لينعم فيه جنرالات الجزائر و نظامهم.

الخميس، 10 نوفمبر 2011

من المسؤول الحقيقي عن ضياع الصحراء الشرقية ؟

 لا زال هذا المجال الجغرافي الواسع الممتد بما فيه و من عليه ضائعا ، كما لا زالت حقوق المتحدرين منه ضائعة  و يعيشون كما جاء على لسان أحد أبنائها سواء بالجزائر أو بالمغرب "كماء القصعة".هذا المجال الذي أطلقت عليه فرنسا الاستعمارية مسمى "الجنوب الوهراني"لأغراضها و أطماعها التوسعية ،في لحظة ضعف الدولة المغربية التي توالت عليها الهزائم ،و كذا الخيانة الكبرى من طرف مبعوثي السلاطين للمنطقة للتفاوض مع المستعمر الذي تمكن من احتوائهم بعد إغرائهم خصوصا أمام ضعفهم و قلة معرفتهم بالمنطقة و بمكوناتها القبلية و بحدودها .
 فمن المسؤول في نظر القارئ الكريم عن ضياع هذا المجال الحيوي الذي تستغله الجزائر ؟
هل الجزائر كوريثة للاستعمار الفرنسي ؟الدولة الفرنسية المغتصبة في لحظة تاريخية ؟
أم بكل بساطة الدولة المغربية بكل مكوناتها هي المسؤول الأول و الأخير ؟ و بالتالي تتحمل كامل المسؤولية ؟
أرجو المشاركة بكثافة في الموضوع
تحياتي لكل المهتمين بالموضوع

الأحد، 6 نوفمبر 2011

المدونة تعنى بالخصوص بقبائل الصحراء الشرقية المغتصبة و بالخصوص منها قبيلة ذوي منيع، القبيلة الأسطورة التي بنيت على جتث رجالاتها أمجاد .
القبيلة التي كان لها ماض مجيد و كانت لها صولات و جولات، ليس فقط في المجال الجغرافي الواسع الذي كانت تسيطر عليه بين حوضي زوزفانة و كير و تافيلالت ،و لكن امتدت لتشمل مجالات جغرافية أخرى بطلب من بعض السلاطين ،إما للنصرة و الحماية ،أو لتطويع القبائل المتمردة .....  ،تعيش على المستوى الانساني حاضرا مؤلما بسبب الشتات الأسري بين المغرب و الجزائر و تؤدي ضريبة صراع سياسي بين انطمة لا تخدم إلامصالحها و مصالح الإمبريالية.. .إلخ
أعدكم بالمزيد و المزيد عن هذه القبيلة التي لازالت تحتضن بين ظهرانيها رجالات قادرين على إحياء أمجادها .....

الاثنين، 31 أكتوبر 2011

قبائل الصحراء الشرقية المغتصبة:قبيلة دوي منيع نموذجا

              تعتبر قبيلة ذوي منيع من بين أهم و أكبر قبائل الصحراء الشرقية المغتصبة في لحظة ضعف الأيالة المغربية، من طرف الاستعمار الفرنسي الذي فوتها عنوة على حساب مصالح ساكنتها و مكوناتها القبلية بما فيها ومن عليها لصالح الدولة الجزائرية بعد استقلالها سنة 1962.
قبي أن أخوض في هذا الموضوع الشائك و المعقد أحب أن أوضح أنني ما أردت من ورائه إلا  تسليط الضوء على جزء من تاريخ المغرب المنسي "التاريخ الجهوي " و محاولة رد الاعتبار لجزء من قبائله -ذوي منيع-التي كان لها الدور الكبير في تأسيس الدولة العلوية و الدود عن ملوكها  ، دون نسيان ما كان لرجالاتها من دور بارز في مقاومة المستعمر الفرنسي في التخوم ،كما أريد مشاركة المهتمين  من أبناء المنطقة في  إخراج تاريخ هذه القبيلة الأسطورة من العتمة و نفض الغبار عنه .
لذا أقترح على زوار مدونتي المتواضعة، اقتراح الجوانب التي تبدو لهم ذات أولوية فيما يخص البحث في تاريخ هذه القبيلة بالذات، من بين مكونات قبلية أخرى طبعا لعا وزنها و اعتبارها في الصحراء الشرقية سواء من الأمازيغ أو جيرانهم العرب في هذا المجال الجغرافي.

-التنظيم الاجتماعي ،أو سوسيولوجيا القبيلة
-الفنون و الأهازيج الشعبية
-المقاومة المسلحة............................إلخ