إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 1 أبريل 2012

الصحراء الشرقية : هل تعيدها الجهوية الموسعة إلى حظيرة الوطن؟

الصحراء الشرقية : هل تعيدها الجهوية الموسعة إلى حظيرة الوطن؟
يتوقع المغاربة كغيرهم من سكان المعمور وشعوب الكون ما ستسفر عنه التغيرات المناخية في العقود الأولى من الألفية الثالثة ، فالإرهاصات و البوادر بدأت تلوح من خلال الزلازل والأعاصير والعواصف الهوجاء التي لم يسلم من رجاتها واهتزازاتها أي شيء بما في ذلك الخرائط الحيوسياسية و الكيانات الموروثة عن الاستعمار ، فأصبع المخابرات العسكرية والمدنية في حقبة الاستعمار بترت من هذه الأمة أجزاء وأضافت لتك أطرافا وأشلاء ،وكان من بين من عمل فيه مقص الإدارة الاستعمارية ما صار يتعارف عليه في بلادنا بالصحراء الشرقية والتي تضم ما كانت فرنسا تطلق عليه الساورة وهي بلغة الجغرافية اليوم : بشار- العين الصفراء –توات –تيدكلت –تندوف وغيرها من المناطق و التي لم تنفصل عن الايالة الشريفة إلا مع بداية سنة 1900 م .
واليوم وفي بداية العقد الثاني من حكم جلالة الملك محمد السادس الذي تزامن مع انطلاق اللجنة الاستشارية للجهوية الموسعة ، تطرح أمامها إشكالات عدة نجملها في النقط الآتية :
1-ضرورة التفكير المعمق في تقسيم التراب الوطني المحقق إلى حدود سنة 1975 م ، بطريقة تضع في الاعتبار المناطق التي مازالت ترزح تحت نير الاحتلال كسبته ومليلية والجزر وكذا تلك التي خضعت لعملية تفويت غاشم وهو التراب الذي استحوذت عليه الجزائر في صفقة مع الاستعمار ونعني بالضبط الساورة والصحراء الشرقية عموما ،فمن المعلوم أن هذا الإجْرَاء شتت قبائل كثيرة بين المغرب والجزائر لأول مرة في تاريخ هذه المنطقة ، ونفصد قبائل : دوي منيع ، أولاد جرير ، لعمور ، الشعانبة وغيرهم ، فالجهوية الموسعة ستجد نفسها أمام إشكاليات من غير مألوف في غيرها من الجهويات الموسعة في العالم : أرض مغربية مأهولة بالسكان ما تزال تحت الاحتلال وكذا أشطار هامة من قبائل على غير أرضهم وفي دولة تحكمها أسرة في أعناقهم لها رباط البيعة المقدس بل ولبعضهم روابط أقوى من ذلك ، فقبيلة دوي منيع يرقد جدها مناع في مدخل ضريح مولاي الحسن الشريف (الحسن الداخل ) ، لكن ترابها الذي ظل متوا شجا مع تافيلالت خضع لعبة تهريب استعماري إلى الجزائر.
2-ويضاف إلى ذلك أن الصحراء المغربية تربطها بسكان الجنوب الشرقي للمغرب وبمنطقة الساورة روابط العرق والتاريخ المشترك ، فقبيلة دوي منيع على سبيل المثال سبق لها أن استوطنت في مرحلة تاريخية معينة أرض الساحل ، كما أن العادات تتشابه وبهذا المعنى فإن الجهوية الموسعة إن استحضرت هذه المعطيات ستجد نفسها أمام ضغط التفكير في المناطق المغربية الأخرى التي لبسها الاستعمار لبوسا أخرى ، فقبيلة دوي منيع تردد في تراثها الشفهي :{كير أبونا تافيلالت أمنا }وهذه العبارة حددت المجال الحيوي المحدد للانتماء الحقيقي !
3-إن الحكم الذاتي الذي دشنه المغرب يعد بحق حلا لإشكاليات ورثتها دول المغرب العربي عن الحقبة الاستعمارية وبالتالي فإنه بلسم لجراح تشتيت وتمزيق القبائل التي عانت الأمرين جراء وضعية فرضت عليها على مستوى حقوق الإنسان : كالحق في التجمع العائلي والاستفادة من التركات المختلفة الشيء الذي يفرض على الجهوية الموسعة التفكير في جبر ضرر تمليه هذه المرة التضحيات الجسيمة لهذه القبائل في سبيل الوطن والعرش على امتداد فترة الاستقلال .
4-إن القبائل التي آثرت الوفاء لعهد تاريخي ولرباط البيعة المقدس ظلت تفضل الإقامة في آخر رقعة يمتد إليها اتساع وحكم الدولة العلوية على أن تقيم فوق ممتلكاتها وتحت راية وجنسية أخرى،تتساءل اليوم : هل قدر المسئولون من وزراء وعمال وولاة تضحيات هؤلاء ووطنيتهم العالية ؟
في بداية استقلال المغرب وتحديدا في سنة 1958 م وبتعليمات من المغفور له محمد الخامس أنشئ للسكان إطار إداري تحت اسم: ( قيادة دوي منيع) ظلت تدار من قبل قائد منيعي ، مات الأول وخلفه الثاني لكنه نقل إلى إدارة أخرى وأحيل على التقاعد .. ومازال يقيم بمدينة الرشيدية بدون حظوة ما وبدون اعتبار معنوي ؟!كما أن المنصب الذي ظل المرحوم المحفوظي خليفة يشغله بالديوان الملكي بقي شاغرا منذ وفاته لتبقى قبائل الصحراء الشرقية بدون وسيط ينقل تطلعاتها إلى السدة العالية بالله ...
إن اللجنة الجهوية الموسعة حين تفكر في خصائص كل جهة فمن الضروري أن ينصب تفكيرها على الأرض والإنسان ،للأرض والإنسان في ربوع هذه المملكة وخصائص... وخصائص... ولعل وضعية قبائل الصحراء الشرقية عموما وقبيلة دوي منيع خصوصا تعد نموذجا سيوسع الجهوية لتمتد في الأرض إلى ما وراء الأرض وتتعامل مع الإنسان ككائن يمكن أن يجد نفسه في اللامكان !لذلك ليس من قبيل السفسطة إذا تساءلنا : هل تعيد الجهوية الموسعة الساورة والصحراء الشرقية إلى حظيرة الوطن ؟ ؟

الموروث الخرائطي الفرنسي و السيناريوهات الممكنة لشمال افريقيا


بقلم :بودريس درهمان
 المتنفذون في الجمهورية الجزائرية يكرهون بشكل كبير الجمهورية الفرنسية، و السؤال المطروح هل يكرهونها فقط لأنها تمثل بالنسبة إليهم المستعمر القديم الذي لا زال يذكرهم بالجراح القديمة، أم يكرهونها لشيء آخر غير معروف؟؟
 الجزائريون المتنفذون الذين يكرهون الجمهورية الفرنسية هم  اليعاقبة الجزائريون Les jacobins؛ و منذ سنة 2010 ارتفعت حدة كراهية هؤلاء اليعاقبة للجمهورية الفرنسية، لأن هذه الأخيرة تحت التأثير  القوي للسياسة الأوروأطلسية  لم تعد  يعقوبية و لا حتى ديكولية كما كانت من قبل.
اليعاقبة الجزائريون يكرهون الجمهورية الفرنسية  لأنها حاضنة الحقائق التاريخية و الجغرافية لكل المنطقة التي كانت تستعمرها و تستبيح ثرواتها؛ و هذه الحقيقة التاريخية و الجغرافية يمكن أن يطلع عليها المتتبع في الوثائق التاريخية و الجغرافية التي يتم رفع السرية عنها و التي يتم تقديمها للعموم.
الفرنسيون و معهم حتى الدول النافذة في مجلس الأمن هم المتحكمون في تفاصيل الحقائق التاريخية و الجغرافية، و هؤلاء و أن كانوا يقرون بقانونية الحدود الموروثة عن الاستعمار الأوروبي، فإنهم يعملون جاهدين لتجاوز كل مخلفات هذه الحدود الغير عادلة و الغير منصفة للتاريخ و للمستقبل، ولتحقيق مبتغاهم هذا يعملون على جعل مجال العلاقات الدولية الحالية متطابق مع طبيعة  التحولات التقنية و المعرفية  التي تخص التكتلات البشرية الحالية.  
في كل مرة يتم فيها الكشف عن  الوثائق و المستندات تكون هذه الوثائق و المستندات في صالح الدول التاريخية؛ و بهذه الطريقة يمكن القول بأنه ليست الجغرافية هي من يصنع  التاريخ بل العكس التاريخ هو من يصنع الجغرافية؛ و بهذه الطريقة يمكن القول بأن الجذر يون الصور يون المتمسكون بأدوات العقل المجرد فقط والذين بواسطته يقومون بتقسيم الأمم و الشعوب سيصابون بالذهول حينما سيكتشفون بأنه حتى هذه الأدوات الصورية التي يستندون عليها يفندها التاريخ بالوثائق و المستندات.
آخر هذه الوثائق و المستندات التي أفصح عنها الفرنسيون تعود بالضبط إلى سنة2010 و هذه الوثائق و المستندات تخص التراب الجزائري و هذه الوثائق  و المستندات تتحدد في الأرشيف الجغرافي العلمي  الذي يتكون من 5640 صفحة الكترونية. قام بالتقديم لهذا الأرشيف الوثائقي الجغرافي الهائل الجنرال الفرنسي جيل روبير GILLES ROBERT رئيس القسم التاريخي للدفاع الوطني الفرنسي.
هذا الأرشيف الوثائقي الجغرافي يؤرخ للتراب المغاربي منذ سنة  1770 حينما التحق مجموعة من المهندسين الجغرافيين بما يسمى في الحوليات التاريخية الفرنسية ب"المخزون الحربي" و الذي يعتبره الفرنسيون حاليا الأب الروحي لـ"القسم التاريخي للدفاع الوطني الفرنسي". هذا القسم التاريخي للدفاع الوطني الفرنسي انفصل سنة 1885 عن القسم الجغرافي؛ و سنة 1940 تحول القسم الجغرافي إلى "المعهد الجغرافي الوطني"...
 نصيب التراب الجزائري من هذا الموروث الجغرافي وافر جدا إذ بلغ عدد 1819 خريطة جغرافية مضاف إليها حوالي 600 ورقة خرائطية... هذا الموروث الخرائطي العلمي يوضح  حدود و طبيعة التراب الجزائري ويفسر بشكل جلي سبب كراهية اليعاقبة الجزائريون للفرنسيين  و للاوروأطلسيين  بالخصوص الذين هم وراء الفصح عن هذا الموروث الخرائطي.
المكونات الاثنية و الطائفية التي يكشف عنها هذا الموروث الخرائطي توضح بشكل جلي حقيقة هذه المنطقة التي لا يمكن تنميطها وفق الأقانيم الإيديولوجية اليعقوبية لأواخر القرن التاسع عشر و منتصف  القرن العشرون.
هذا الموروث العلمي الخرائطي المرفوق بأرشيف خرائطي متعدد  يتحدث عن دول شمال إفريقيا و يستعمل مصطلح "المملكة الجزائرية" حينما يتحدث عن الجزائر و يستعمل مصطلح "الإمبراطورية المغربية" حينما يتحدث عن المملكة المغربية و حينما نتمعن جيدا في تاريخ المنطقة نجد بأن الحقيقة التاريخية كانت كذلك، حيث كانت المملكة المغربية  دائما و منذ عهد المماليك  الأمازيغ  إمبراطورية متحركة و الجمهورية الجزائرية كانت دائما عبارة على شبه مملكة ثابتة.
أولى الخرائط التي تخص الحدود المغربية الجزائرية تعود إلى سنة 1841 و بعد هذا التاريخ توالت الخرائط التي تخص هذه الحدود بمعدل خريطة كل سنة أو خريطة لكل أزمة تاريخية تخص العلاقة بين البلدين. آخر خريطة تخص هذه الحدود هي الخريطة التي ظهرت سنة 1908 و المسجلة تحت رقم T.20.6.B.255 
تؤرخ هذه الخرائط:
1. للشبكات الجهوية التواصلية كشبكات التواصل عبر السكك الحديدية و شبكات التواصل عبر التلغراف و التليفون
2. كما تؤرخ كذلك هذه الخرائط للمعرفة الجيولوجية للمنطقة
3. بالإضافة إلى الخرائط الأركيولوجية (الصفحة 115 من الأرشيف)
هذه هي الحصيلة الخرائطية للموروث الخرائطي  الفرنسي  الذي يخص الحدود المغربية الجزائرية ليبقى السؤال  حول الفلسفة السياسية المؤطرة لرفع السرية عن هذا الكم الهائل من الخرائط؟
بعض السيناريوهات الأوروبية المنتشرة بشكل كبير لدى صناع القرارات السياسية ترى بأن المناطق التاريخية للمماليك المغاربية التي انتزعها  منها الاستعمار الأوروبي وورثها(بتشديد الراء) لجمهوريات إيديولوجية لم تستطع مواكبة قيم الديمقراطية و حقوق الإنسان، من الممكن لهذه المناطق التاريخية أن تعود إلى هذه المماليك التاريخية؛ و يقصدون بالمماليك التاريخية: المملكة الليبية القديمة، المملكة الجزائرية القديمة  و المملكة المغربية الحالية. هذه السيناريوهات الممكنة و الجد منتشرة لدى صناع السياسات الأوروبية بالخصوص تعتمد على منطق ما يسمى "الاندماج الحضاري" ترى هذه السيناريوهات، بأن المناطق التاريخية لشعب الطوارق الموزعة بين شمال دولة مالي و شمال دولة النيجر بالإضافة إلى  جنوب دولة الجزائر من الضروري أن تكون تحت السيادة الجزائرية. نفس الشيء يجب أن يحصل لشمال دولة التشاد حيث يجب جعل هذه المنطقة تحت السيادة الليبية؛  أصحاب هذا السيناريو  يرون بأنه يجب على الجمهورية المصرية استرجاع شمال السودان و المملكة المغربية استرجاع أراضيها التاريخية التي تمتد إلى حدود دولة السنيغال.